من شرفة الصحافة.. كيف رأي محررو البرلمان جلسات "تيران وصنافير"؟

كتبت – يسرا سلامة ورنا الجميعي:

تصوير - كريم أحمد:

منذ الأحد الماضي، بدأت في مجلس النواب مناقشة اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، ومن شرفة الصحفيين بالمجلس، يتابع أصحاب الجلالة وقائع تلك الجلسات، أبرز مشاهدات تحت القبة نرصدها من أعينهم، كمتابعين للمشهد ونقله للرأي العام، في ظل عدم إذاعة الجلسات للجمهور، قبل مشهد النهاية في الاتفاقية الجدلية.

حضور أكبر لأعضاء البرلمان

منذ بداية الجلسات، تتابع رانيا ربيع صحفية الشروق جلسات مناقشة الاتفاقية، التي يختلف طابعها عن أي من المناقشات لاتفاقيات أخرى، حيث ألغت لجان البرلمان اجتماعاتها لحضور جلسة أمس "وحضرها معظم النواب".

اتسمت كل جلسة بطابع خاص، فالاجتماع الأول، الذي عُقد أمس، حضره عدد من الخبراء وممثلو الحكومة على رأسهم وزير الخارجية سامح شكري، والمستشار عمر مروان وزير شئون مجلس النواب، وعدد من المسئولين المصريين من وزارتي الدفاع والخارجية والجهات السيادية.

وخبراء أمثال عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ، سيد الحسيني رئيس الجمعية الجغرافية، العميد أشرف العسال، رئيس فرع المساحة البحرية بالقوات البحرية وعضو اللجنة القومية لتعين الحدود البحرية، لمناقشة الاتفاقية.

تذكر ربيع إن كفة الشهادات رجّحت سعودة الجزيرتين، وهو ما أيدتها فيه رنا ممدوح، صحفية موقع مدى مصر، "مفيش حد حضر من الخبراء تبنى وجهة النظر الأخرى، رغم إن دا وعد بيه رئيس البرلمان".

العدد الكبير للنواب كذلك لفت نظر المحرر البرلماني بالمصري اليوم، محمد غريب، إذ إنه من المفترض حضور أعضاء اللجنة التشريعية، والتي تتكون من 43 عضوا، جذب انتباه غريب وكذلك الصحفي محمد الفقي رئيس القسم البرلماني بجريدة الأخبار بدء مناقشة الاتفاقية بعد التصويت، الذي لم يرفع فيه إلا عدد قليل من النواب أيديهم "قرابة 5 أو 6 أعضاء"، بسرعة المناقشة من رئيس البرلمان، بحسب مشاهداته، يتابع غريب "كان فيه توجيه واضح بتمرير المناقشة، رغم اعتراض البعض بأنها لا تناقش بعد حكم محكمة".

وكانت محكمة الأمور المستعجلة قد قضت في الثاني من أبريل الماضي ببطلان حكم المحكمة الإدارية بخصوص اتفاقية ترسيم الحدود والإبقاء على جزيرتي تيران وصنافير تحت السيادة المصرية.

خبراء الحكومة بلا وثائق

كما لفت نظر الصحفيين انحياز الخبراء لسعودية الجزيرتين، التفت عدد من النواب لذلك، مثل النائب أحمد طنطاوي، "هم كل الخبراء بيقولوا الجزر سعودية، مفيش حد قال مصرية"، ليرد عليه رئيس مجلس النواب "معلش".

كما استرعى انتباه الصحفيين كذلك عدم وجود وثائق من جانب الخبراء، وكذلك الطرف المؤيد لسعودية الجزيرتين من النواب، وأبرزهم "تحالف دعم مصر"، بعكس الطرف المؤيد لمصريتهما والمتمثل في ائتلاف "25-30"، وقوى سياسية أخرى، فبحسب رانيا قدم نائب الوفد محمد فؤاد وثائق تُفيد بمصرية الجزيرتين، ويضيف غريب "الطرف المعارض للاتفاقية من الواضح إنه جلس مع أطراف القضية مثل المحامي خالد علي، واستعد جيدا للجلسات".

ظهر الإعداد الجيد لنواب "تيران وصنافير مصرية" من مناقشة الخبير أشرف العسال، ليعارضه النائب خالد يوسف بأن اللجنة القادم منها العسال بينها خلاف على المصرية والسعودية للجزيرتين، وقد تجمدت أعمال اللجنة من عام 2011، وعادت في فبراير 2015، ولا يزال الخلاف قائما بين أعضاء اللجنة القومية لتعيين الحدود البحرية.

مناوشات أكثر من مناقشات

تقول ممدوح إن التهكم والسخرية كان الطابع العام للجلسة الثانية، فيما استمرت المُناوشات بين نواب "25-30" ودعم مصر، وتُضيف رنا "سبنا الحديث عن الاتفاقية وطريقة إقرارها، وبقينا في صدد خلاف بين وجهات النظر".، مثلت لذلك بأن نواب "25-30" أصدروا مُقترح لرئيس البرلمان يطلبوا فيه توثيق أسماء النواب المؤيدين والمعارضين في محضر البرلمان "لكن تم التهكم عليهم مش مناقشتهم".

مع بدء الجلسات، لم يتوقع الصحفيون أن يخرج رئيس البرلمان الكاميرات، ليعارضه النائب مرتضى منصور، بحسب غريب والفقي، ويطلب إعادة التلفزيون الذي يسجل الوقائع وليس بثا مباشرا، وتبقى بداخل البرلمان التلفزيون المصري وcbc extra، فيما امتدت أيادي الصحفيين بتصوير الوقائع بالموبايل.

اشتعل البرلمان في بعض الأوقات بالجلسات، بين مؤيد ومعارض، فيما شهد كذلك الانفعال بين النواب، منها من أدعى من الخبراء بأن الرئيس جمال عبد الناصر قال إن الجزيرتين سعوديتين، لتعبر النائبة نادية هنري بردة فعل يذكرها غريب "يالهوي.. سعودية؟ ألطم".

على نحو آخر لم يتم التعامل بشكل سيء مع صحفيي البرلمان، ورغم محاولات بعض المسئولين لطردهم من جلسة الأحد "بس نواب 30-25 دافعوا عن الإعلام"، أكدّت ذلك رانيا، أما جلسة الاثنين فلم يتعرض لهم أحد "حتى المصورين استمروا لآخر الجلسة على غير العادة"، ويؤكد الفقي إنه لم يعترض أحد على وجود الصحفيين.

أعلام سعودية تحت القبة؟

مع انتشار آراء المسئولين الخاصة بسعودة الجزيرتين، انتشرت صورة لنواب من داخل البرلمان، رافعًا أحدهم علم السعودية، إلا أن رانيا أكدّت على اختلاف توقيت الصورة، حيث التقطت أثناء زيارة الوفد السعودي لمجلس النواب قبل زيارة الملك سلمان لمصر، في إبريل الماضي.

ضمن مشاهدات رانيا ذكرت أن هناك حالة تعسف شديدة مع نواب "30-25"، المؤيدين لمصرية تيران وصنافير، تقول إن أعداد النواب في صف المصرية حوالي 120 شخص من أصل 569، من بين المواقف المشهودة أيضًا مُعارضة النائب محمد فؤاد من حزب الوفد، وأحمد علي ومنى جاب الله من حزب المصريين الأحرار، وتقول رانيا إن هناك ثلاثة نواب آخرين غير أنهم لم يشيروا إلى موقفهم علنًا.

مع استمرار المشادّات حدد عبد العال جلسة ثالثة، مساء الاثنين، وأعلن اقتصارها على أعضاء اللجنة التشريعية فقط، تُشير رانيا أن ذلك مخالف مع اللائحة، مُتوقعة حشد نواب المعارضة والإصرار على الانضمام للجلسة، فيما أكد الفقي أن هناك نائب "إيهاب غطاطي" من دعم مصر، أعلن اعتراضه على سعوديتها وقال "أنا الوحيد من دعم مصر، وبقول إن اللي بيحصل ده حرام".

تُشير رانيا إلى حساسية مناقشة تلك الاتفاقية، وأوضحت ذلك من خلال تأخر احالتها إلى اللجنة التشريعية، "الاتفاقية جاية من شهر واحد لمكتب رئيس النواب"، فيما أحيلت للجنة التشريعية بشهر مايو الماضي، ولم تُناقش سوى يوم الأحد الماضي، فيما وافق الفقي على ذلك التأخر، الذي جاء عقب حكم المحكمة، وكذلك لازالت أمام المحكمة الدستورية العليا.

توقع بالتمرير

مع انتهاء الجلسات، يكون النواب قد حددوا إحدى تلك الحلول، إما تمرير الاتفاقية، أو طرحها للاستفتاء الشعبي إذا زاد عدد النواب المُعارضين، أو اعلان أنها مُخالفة للدستور، وتتوقع الصحفيتان أن على الأغلب سيتم تمرير الاتفاقية بدون استفتاء.

"أخطر شيء في الجلسات إن محدش بيسمع.. وإن كله واخد موقفه قبل الاستماع والمناقشة".. يقول الفقي، المحرر البرلماني منذ 15عاما، مضيفا أن من مشاهدته ان الطرف المعارض للاتفاقية يحاول أن يعلن موقفه بشكل صاخب أمام الطرف الآخر، بحسب رأيه، يتعجب الفقي "فيه نواب مستعجلين على التنازل على أرض مصر".

من خلال التغطية، يتوقع غريب بأن يتم التصويت لصالح سعودية الجزيرتين "عدد من النواب عارفة إنها مصرية، لكنها مضطرة تصوت لصالح الدولة"، بعكس موقف المعارضين للاتفاقية "نواب المعارضة عارفة إن الاتفاقية هتمرر لكنها بتسجل موقف للتاريخ"، يتوقع غريب أن يتغيب عدد من النواب المؤيدين في جلسة التصويت، ويوافق الفقي "كتير من النواب عارف إن موافقته على الاتفاقية هيكون عار عليه وشعبيته هتنقص في دايرته"، يتوقع الفقي أن يضغط ذلك على مواقف بعض النواب.

دوّن غريب مشاهداته، ومنها إن هناك عدد من الصحفيين أجهش بالبكاء عندما شاهدوا هتافات عدد من النواب "مصرية مصرية"، فيما التفت الفقي لقول النائب من التجمع عبد الحميد كمال للواء حمدي بخيت على سعودية الجزيرتين "حرام عليك.. ده أنت لواء".

فيما كانت أبرز الجهود المبذولة من النواب، التي لن تنساها رانيا خلال تلك الجلسات، من بينها إصرار النائبين هيثم الحريري ومحمد فؤاد على تقديم وثائق تدعم مصرية الجزيرتين، وكذلك موقف النائبة نادية هنري، عضو تكتل "25-30"، تحكي صحفية الشروق "جت على عكازها مخصوص تقول تيران وصنافير مصرية وجزء من العرض، وازاي نرجعها لإسرائيل تاني، مش هنسى دموعها"، وستتذكر موقف الحكومة المتمثل في التأكيد على سعودة الجزيرتين.