"مصراوى" في طابور "قطر العيد".. الحجز بدون "رقم قومي".. و"مفيش تذاكر بعد سوهاج"
معايشة - مها صلاح الدين ومصطفى فرحات:
حشود كبيرة.. خطوات متسارعة.. حقائب سفر.. وجوه حائرة.. أسئلة عشوائية.. هذا كان الحال أمام شبابيك حجز التذاكر داخل "محطة مصر" قبيل أيام من عيد الأضحى.
ورغم أن هيئة السكك الحديدية أكدت في بيان لها، أن حجز تذاكر الوجه القبلي لا يكون إلا بموجب الرقم القومي، حيث يطبع على ظهر التذكرة، ولا يسمح بصرف أكثر من 4 تذاكر من شبابيك الحجز كحد أقصى، وبموجب تحقيق إثبات الشخصية وإثبات بيانات الركاب لإمكان الرجوع إليها، للحد من السوق السوداء، إلا أن الواقع كان شيئاً آخر.
ومع إعلان "السكك الحديدية" توفير قطارات ومواعيد إضافية لاستيعاب حركة السفر إلى الصعيد في العيد، إلا أن المواطنين فوجئوا بنفاد التذاكر المخصصة للعيد لبعض المحافظات على رأسها قنا والأقصر وأسوان، حيث وجدوا أنفسهم مضطرين للحجز لأسيوط أو سوهاج، ومن ثم استكمال الرحلة لبلادهم، أو اللجوء للسوبر جيت، وإلا فشلوا في قضاء إجازة العيد مع ذويهم.
"مصراوي" خاض تجربة الوقوف في طابور وجه قبلى للحصول على 4 تذاكر بقطارات الصعيد، بالمواعيد المحددة للعيد، والتي تبدأ من يوم السبت 26 أغسطس حتى 31 من ذات الشهر.
أمام صالة حجز تذاكر الدرجة الثانية المكيفة للوجه القبلي، وقف "أحمد صبحي" برفقة زميليه وسط حشد من المسافرين، يبذلون محاولات يائسة لقطع تذكرة في القطار المتجه إلى أسوان، وذلك بعد أن حضروا في الصباح إلى صالة حجز تذاكر الدرجة الأولى، فأخبرهم الموظف المسؤول بعدم توافر تذاكر لثلاثتهم، وقال لهم "اللي عايز يحجز ييجي بعد العيد، كان المفروض ييجي من بدري".
وبعد فشل "أحمد" وزميلاه في الحصول على تذاكر سفر، ورفضهم استخدام "السوبر جيت"، اضطروا لتأجيل عودتهم لبلادهم وحجز تذاكر لليوم التالى، كاشفين أنه لم يطلب منهم أحدٌ الرقم القومي عند الحجز رغم البيان المعلق على أحد جدران الصالة، بضرورة التسجيل بالبطاقة الشخصية.
عقب فشله هو الآخر في الحصول على تذكرة للعودة لبلده، استند "حسن سليمان" على أحد حوائط صالة حجز التذاكر، ووجهه يتصبب عرقًا ويعلوه الإرهاق بعد الرحلة الطويلة التي قطعها مع أذان الفجر من محافظة قنا إلى القاهرة، كي ينهي بعض مشاغله، ليعود إلى بلدته مرة أخرى في اليوم نفسه، وهو ما حال دونه عدمُ توافر تذاكر لقنا، ليجد نفسه مضطرًا، بعد ساعتين من الانتظار أمام شباك التذاكر، للحجز في قطار "VIP" إلى محافظة سوهاج، ليكمل بعد ذلك الرحلة إلى قنا.
ولدى توجهنا إلى طابور الرجال والوقوف في آخر الصف، اعترض أحد المتواجدين، وأشار لنا بإصبعه: "طابور السيدات هناك!"، لنتفاجأ بشباك آخر مكُتوب أعلاه "مخصص للسيدات وذوي الاحتياجات الخاصة"، ورغم ذلك كان مكتظًا بالرجال الأصحاء، تجاورهم سيدة واحدة.
"مافيش تذاكر بالبطاقة ولا حاجة.. وأدينا أهه جايين قبلها بكام يوم" بهذه الكلمات اشتكت السيدة الصعيدية في العقد الثالث من عمرها، بعد خروجها من الطابور الممتد، عقب معرفتها بنفاد تذاكر العيد إلى الأقصر، وتأكيد الموظف لها أن أول يوم متاح هو الأحد "5/9"، وهو ما يعنى اضطرارها للسفر عبر السوبر جيت أو قضاء الإجازة في القاهرة.
من الحين للآخر، كانت تنشب مشادات في طابور التذاكر، الذي كان يتحرك بالكاد، فيصرخ أحد المواطنين: "يا اخوانا إللي بيسأل ع الشباك يخلص، علشان غيره يسأل"، وهذا ما لم يكن يحدث، فأغلب الراغبين في السفر يقفون أمام موظفي التذاكر لما يقرب من ربع ساعة، يتفاوضون معهم لإيجاد مقعد في قطار يناسب رغباتهم.
اضطر "عبد الرحمن شهاب" لتقديم موعد سفره يومين بعد أن فوجئ بانتهاء تذاكر السفر خلال أيام العيد، وهو ما أجبره على الحجز في أول قطار "vip" متجه إلى أسوان، وإن كان سعرُ التذكرة الضعف.
إلى جانب الطابور، وقفت 3 فتيات يترقبن خروج الأب، لمعرفة نتيجة وقوفه على شباك التذاكر لأكثر من نصف ساعة ظلت خلالها موظفة حجز التذاكر تبحث عن موعد قطار متجه إلى أسوان به مقاعد تكفي جميع أفراد الأسرة، وهو ما فشلت فيه ليعود الأب لبناته بخفي حنين.
ظل "حسن" يسترق النظر في حزن إلى صديقه الذي أخذ يتنقّل بين شبابيك الحجز، بحثًا عن مقاعد فارغة، لكن جميع محاولاته ذهبت سدى، ليعود مكفهر الوجه ويخبره بعدم توافر تذاكر لقطار متوجه صوب قنا مباشرة، ليرد عليه "حسن" في انفعال: "القطر اللي هييجي هنركبه سواء كان مكيف ولا عادي، هم بيسرقوا التذاكر عيني عينك ويبيعوها".
وجد "عبدالله الجندي" (العامل في إحدى الشركات الخاصة) نفسه مضطرًا لقضاء العيد هذه العام بعيدًا عن أسرته التي تركها خلفه في سوهاج، ولم يرهم منذ زيارته الأخيرة لهم في العيد الماضي. وحين حاول "عبدالله" مفاجأة أسرته وقضاء "الأضحى" معهم، فشل، حيث لم تعد تتوفر له تذاكر في القطار الأسبانى، يقول والألم يغطى وجهه: "مضطر أقضي العيد بعيد عن ولادي لأني مش معايا فلوس للسوبر جيت".
بعد ما يقرب من ساعة انتظار، وصلنا أخيرًا إلى زجاج شباك التذاكر، وأخبرنا الموظفة برغبتنا في حجز 4 تذاكر إلى أسيوط يوم السبت المقبل، وبعد ثوانٍ أجابت: "فيه بس الساعة 6.30 الصبح.. ودرجة أولى مش درجة تانية مكيفة".
ومع عدم مناسبة الموعد، لم يكن أمامنا سوى الموافقة، بعد معرفة أن معظم التذاكر لأسيوط نفدت، وحين طلبنا 4 تذاكر استجابت الموظفة دون أن تطلب بطاقة الرقم القومي، أو يطبع على التذاكر مثلما أكدت السكك الحديدية في بيانها، ورغم وضع ملصق يستوجب حجز التذاكر ببطاقة الرقم القومي، بحد أقصى 4 تذاكر لكل مواطن، وفقا لقرار هيئة السكك الحديدية.
لما أخبرنا أحد المتواجدين بأننا حصلنا على التذاكر دون بطاقة، قال إن هذا الأمر يتكرر ويفعله المضاربون بالسوق السوداء حيث يشترون التذاكر بالأسعار الرسمية، ويبيعونها بالضعف، مستغلين تلهف المواطنين على مقعد فارغ داخل قطارات العيد، فمهما بلغ السعر سيكون أفضل من أسعار الشركات الخاصة للحافلات.
أقرأ ايضا:
نائب رئيس هيئة السكة الحديد: إضافة 120 ألف مقعد استعدادا لعيد الأضحى
تعطل جرار أحد القطارات يوقف حركة السكة الحديد 3 ساعات في المنوفية
وزير النقل: القطارات في مصر متأخرة 40 عاما عن الدول المتقدمة
السكك الحديدية: 4 تذاكر لكل راكب بالرقم القومي في عيد الأضحى
فيديو قد يعجبك: