حكايات الزمن الصعب.. مصريون يتركون وطنهم من أجل 150 دينارا
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
-
عرض 5 صورة
كتب ـ محمد أبوعميرة:
بعد حسبة بسيطة قام بها "أحمد" لراتبه ومصاريفه، واكتشافه أن لا شيء يبقى منه، قرر السفر خارج مصر، حتى ولو كان الراتب الذى سيناله في البلد الخليجى لا يساوى "بهدلة الغربة" و"تكاليف الحياة العادية" هناك، ولن يتبقى له منه للادخار إلا القليل.
"أحمد" كان ضمن مئات الشباب الذين تقدموا مؤخرًا للحصول على وظيفة ضمن الوظائف التي نشرها موقع وزارة القوى العمالة في الإمارات والكويت براتب لا يتجاوز 150 دينارًا أو 4000 آلاف درهم، وهى ما تعد مرتبات متدنية قياسًا إلى الدخول المعروفة في هذه الدول.
"مصراوى" التقى عددًا من الشباب أثناء تقدمهم لهذه الوظائف، وسألهم عن الدوافع التي تجبرهم على ترك بلدهم من أجل رواتب "ضعيفة" لن تمكنهم من توفير إلا مئات الجنيهات شهريًا، بل يمكن القول إنه من الممكن توفير ما يقترب منها في مصر.
وكانت عدة شركات خليجية أعلنت عن فرص عمل للمصريين، بالتنسيق مع وزارة القوى العاملة، منهم شركة خاصة للمرطبات أعلنت عن طلبها 50 عامل بيع بعمر 21 حتى 30 سنة بمرتب 150 ديناراً دون اشتراط خبرة مع توفيرها مزايا كالسكن والمواصلات.
خريج الطيران: الـ150 دينارًا أفضل من محل الملابس
البداية كانت مع "أحمد" الشاب الذى تخرج من معهد الطيران قسم "ضيافة جوية"، وفشل في اللحاق بوظيفة في مجال تخرجه، ففضل أن يتقدم للحصول على وظيفة في دولة الكويت للعمل في شركة مرطبات براتب زهيد 150 دينارًا (ما يوازى 9000 جنيه)، وهو ما يعنى (بعد حساب مصاريف الطعام والشراب ومستلزمات) أن أقل من نصف هذا المبلغ فقط هو ما سيبقى له من السفر.
ورغم إدراكه أن مثل هذه المبلغ لا يستحق "البهدلة" وترك بلده وأهله وإصحابه، إلا أن "أحمد" اضطر للتقديم للوظيفة التي عرف بها من خلال موقع وزارة القوى العاملة، موضحا لـ"مصراوى" أنه تخرج منذ 4 سنوات من معهد الطيران قسم ضيافة جوية، وحاول طوال تلك الفترة الحصول على فرصة عمل في مجاله، لكنه فشل، وفى النهاية اضطر للعمل كبائع بأحد محلات الملابس الجاهزة براتب ضعيف، ما جعله يقبل على السفر.
"محمد": الراتب قليل بس على الأقل حطيت رجل بره "الراتب زهيد فعلاً" يعترف "محمد" هو الآخر بأن الـ 150 دينارًا في الشهر قليلة جدًا، ولن يتبقى له منها شيء، ولكن بالنظر لحاله الآن، فإن الأفضل له السفر؛ يقول عن ذلك "مرتبي هنا بيكفيني أكل وشرب بالعافية، وهناك برضه هاكل واشرب بس، ومش هاوفر حاجة كبيرة، بس هبقى حطيت رجلي في شغل بره مصر وممكن بكره حالي يبقى أحسن".
حاصل على ماجستير: كله "كول سنتر"
منذ عدة أيام، عثر محمد نبيل (ماجستير في الحقوق) على إعلان بأحد مواقع الإنترنت عن وظائف خدمة عملاء ومبيعات في الإمارات، ورغم أن الراتب ضئيل للغاية إلا أنه تحمس للتقدم للوظيفة والسفر، بعد مراجعة السنوات الـ 6 التي مرت عليه بعد تخرجه من كلية الحقوق وحصوله على درجة الماجستير.
يتذكر "محمد" السنوات الماضية التي قضت فيها الظروف (حسب ما يقول) على حلمه في العمل بمجال البحث العلمي، وهو ما أدى لعمله عدة سنوات كممثل خدمة عملاء.
يبرر "محمد" تقدمه للسفر للإمارات براتب 4000 آلاف درهم، وهو الراتب الضئيل الذى لا يساوى بهدلة الغربة، ولا يناسب تعليمه، بأنه "طالما هنا كده كده هشتغل كول سنتر يبقى في الإمارات أحسن، ولو أتقبلت مش هرجع تاني".
اختبارات "ذكاء" من أجل 4000 درهم
كانت إحدى الشركات الإماراتية أعلنت هي الأخرى عن توظيفها عددًا من الشباب المصري لوظيفة كاتب خدمة عملاء بإجمالي راتب 4000 درهم، واشترطت الشركة في إعلانها المنشور بموقع وزارة القوى العاملة وعدة صحف، أن يكون المتقدم حاصلا على مؤهل عال، مع تمتعه بخبرة لا تقل عن عامين بمجال المبيعات بإحدى شركات الاتصالات، وإجادته للغة الإنجليزية.
وتعقد الشركة المقابلات الشخصية للمتقدمين للعمل بأحد فنادق الدقي ذات الأربعة نجوم، وتنقسم القاعة التي تجرى بها إلى قسمين، الأول يجلس به العديد من الشباب متراصين أمام أجهزة "لاب توب"، ينتهون من اختبار الذكاء التي تقوم به الشركة لمن اجتازوا المقابلة الشخصية الأولى، أما القسم الثاني فيجلس به أحد المنوط بهم إجراء المقابلات الشخصية أمام 9 متقدمين ليختبر قدراتهم ومهاراتهم وهل تناسب الوظيفة أم لا؟
"عمرو": راتب شهر يساوى سنة
"عمرو" خريج كلية لغات وترجمة 2012 بتقدير جيد، كان أحد الشباب الذين تقدموا للوظيفة، وخاض الاختبارات، يقول عن الدافع وراء إقدامه على السفر بهذا الراتب (الذى كان من الممكن أن ينال ما يقترب منه لو عمل في مجال السياحة كما يريد): "أنا كان نفسي ألاقي فرصة زي دي في مصر، ولكنى أنا بشتغل كول سنتر بألف ونص وألفين جنيه، يعنى أنا محتاج أشتغل هنا حوالي سنة عشان أخد أجر شهر في الإمارات، رغم إنه راتب قليل بالنظر للمصاريف الباهظة ومستوى الدُخول في البلد الخليجى".
لماذا ترك "عبدالنبى" البنك الخاص للسفر للإمارات؟ يعمل "محمد عبدالنبى" منذ 7 سنوات في أحد البنوك الخاصة الكبرى، ما يعنى أنه يتقاضى راتبًا جيدًا قياسًا إلى غيره من الشباب، إلا أنه رغم ذلك قرر التقديم لوظيفة خدمة العملاء بالإمارات، وعندما سألناه عن السبب؟ أجاب: "مفيش استقرار، ولا بتعلم حاجة جديدة".
وبسؤاله عن متوسط راتبه في البنك، تبين أنه بحساب المصاريف في الإمارات، وارتفاع تكلفة الطعام والشرب والسكن، فإنه لن يتبقى له سوى "أقل مما يتقاضاه في مصر"، ومع ذلك يبرر "عبدالنبى" إقباله على السفر قائلا: "أنا عارف إن العرض المقدم من الشركة مش كبير، بس خبرة العمل خارج مصر لوحدها مغرية.. كمان أنا حابب أسافر بره مصر ومرجعش إلا لو اضطريت".
"الخشاب": ما أظنش هرجع مصر تانى
"ما أظنش إنى هرجع مصر تانى" كانت هذه إجابة أحمد الخشاب، خريج اللغات والترجمة (25 عاما) الذى كان يعمل في إحدى شركات الشحن، وتركها، وتقدم للعمل "كول سنتر"، لأنه (حسب قوله) يرغب في خوض تحد جديد خارج مصر قد ينجح فيه، بعدما فشل في التحدي الذي واجهه في مصر.
مسئول التوظيف بالإمارات: المصريين بتوع شغل يوضح "أحمد طلعت" مدير حسابات المستخدمين بالشركة التي تقوم بالتوظيف للعمل بالإمارات، إنهم يتعاونون مع وزارة القوى العاملة التي سهلت لهم الإجراءات الإدارية واستخراج التصاريح وقدمت مختلف التسهيلات.
وحسب ما يقول "طلعت" فإنه من المستحيل أن تكون هناك فرصة للنصب على الشباب المصرى في الإعلانات التي تنشر، بالتعاون مع وزارة القوى العاملة، فجميع التأشيرات وعقود العمل توثقها الوزارة، وتراجعها السفارة المصرية في الإمارات.
وعن سبب إقبال الشركات الخليجية على توظيف المصريين، أكد "أن المصريين بتوع شغل وبينهم كفاءات كبيرة لا يعلم عنها أحد".
فيديو قد يعجبك: