بالصور- في العتبة معرض آخر للكتاب.. أحسن من الغلاء والازدحام
كتب- فايزة أحمد:
داخل أزقة "سور الأزبكية" بمنطقة العتبة تعلو أجواء صاخبة وأحاديث متداخلة خلقتهما حركة المارة المستمرين في تفحص الكتب والروايات؛ لشراء ما يلزمهم بأسعار في متناول اليد، هربًا من ارتفاع الأسعار المبالغ فيها –حسب وصفهم- بمعرض القاهرة الدولي للكتاب والمُقام حاليًا بأرض المعارض في مدينة نصر، ذلك الذي قرر البعض من باعة السور مقاطعته أيضًا، لارتفاع تكلفة اشتراكهم به هذا العام، مكتفين بالبقاء في مكتباتهم الضيقة وكتبهم الوفيرة التي حوّلت المكان العتيق برمته لمعرض آخر للكتاب.
داخل مكتبته يقبع خالد المصري الذي غطى الشيب الأبيض شعره، بين الكتب شاخصًا بصره تجاه فتاتين أخذتا في التقليب بين الكتب الخاصة بمادة الفيزياء، تلك التي أجبرتهما على الذهاب إلى معرض الكتاب ظنًا منهما أنهما ستجدان المُلخصات المتعلقة بهذه المادة، لكن صدمة كبيرة أصابتهما حين عرفتا بالأسعار "المُلخص الواحد في هذه المادة هناك بـ150 جنيها"، تُبادر إحداهما بسؤال "المصري" عن الثمن يفاجئها "60جينهًا، ولو كنت في المعرض السنة دي كنت هبيعه بـ 100جنيه".
تنصرف الفتاتان بغرضهما عقب دفعهما الثمن للمصري الذي رفض الاشتراك في المعرض لأول مرة منذ (20عامًا) "الاشتراك بقى 8500 جينه.. أنا هبيع بكام أصلا علشان يبقى يرفعوا التمن كده"، زادت قناعته حين حَسَب حسبته فأدرك أنه "يدوب هيطلع ليّ حق الاشتراك والكام عامل اللي هيشتغلوا معايا"، وذلك دون أن يحقق أي مكسب آخر، حتى ولو ضئيل مثلما حدث العام الماضي "الاشتراك كان بـ 5500 جنيه بس".
يستكمل "المصري" الذي تخصص في بيع الكتب الأجنبية، أسبابه لعدم المشاركة، يقاطعه أحد الزبائن بالسؤال عن رواية إنجليزية قديمة بحث عنها جاهدًا في المعرض فلم يجدها، فيجيبه "عندي بس في المخزن.. يومين وتعالي خدها"، للمخزن الذي يقصده حكاية لديه، إذ إنه اعتاد حفظ الكتب والروايات القيمة والنادرة فيه لحين بدء فعاليات المعرض، ومن ثم يقوم ببيعها هناك "لكن مطلعتهمش لأني مرحتش".
قبل أعوام قليلة، حُرم باعة الكتب والروايات العربية من الاشتراك في المعرض من قِبل الإدارة، بحجة اقتنائهم لنُسخ مزورة "طول عمر بياعين السور كتبهم ورواياتهم بتكون كدا.. إيه الجديد" يتساءل مجاهد الشحات أحد باعة الكتب العربية ساخرًا من القرار "هما مش عاوزين بايعين السور هناك من الأساس".
يتوافد العديد من الطلاب على مكتبة "الشحات"، بغية الشراء أو السؤال على أشهر الروايات الجديدة فيقوم بالتفتيش بين كتبه عنها، يعثر عليها مشيرًا إليها "الرواية دي في المعرض بـ75 جنيهًا.. أنا ببيعها بـ20 جنيهًا بس"، لهذا السبب يعتقد أنه "لأول مرة يكون السور مليان ناس كدا وقت المعرض".
من مكتبة إلى أخرى تنقل أحمد شعراوي طالب كلية العلوم رفقة زميلته في الكلية نفسها آية حسين، بحثًا عن ديوان لأحد الشعراء الجدد، وذلك عقب فشلهما في الحصول عليه من المعرض بسعر مناسب "إحنا لسه جاييين حالًا من المعرض ولا اشترينا أي حاجة بسبب الأسعار"، حسب شعراوي.
إحساس بالإحباط اعترى طالب كلية علوم لعدم تمكنه من تنفيذ الخطة التي أعدها منذ أشهر استعدادًا لشراء كتب بعينها من المعرض، رغم حرصه على توفير مالًا خاصًا لها "أنا كده لازم أكوّن ثروة علشان أشترى كتب المعرض"، تقاطعه آية متسائلة "بيعملوا المعرض ليه طالما الكتب فيه غالية كده".
قرر الطالبان أن يذهبا إلى باعة السور داخل المعرض كحل أخير، محاولين إنقاذ ما يمكن انقاذه من خطتهما السنوية "مفيش هناك غير أجنبي بس وبأسعار أعلى برضو من أسعارهم هنا"، فما كان منهم إلاّ أن يتجه إلى السور نفسه؛ حيث وجدا "جبنا ديون الشعر بنص التمن بالظبط".
لم يكن ارتفاع الأسعار السبب الوحيد الذي أجبر البعض على اللجوء إلى سور الأزبكية، وإنما كان للازدحام الشديد الذي شهده المعرض خاصة يوم الجمعة الماضية، أن يجعل سميرة محمد تعدُل عن قرارها بحضور حفل توقيع أحد كُتابها المُفضلين وشراء روايته، لتقرر فجاءة أثناء تواجدها في محطة المترو أن تذهب إلى السور لشراء تلك الرواية "تفاجأت إنها موجودة هنا، وبسعر رخيص"، يقاطعها البائع عبد الرحمن أنور "يعني إيه الفرق بين كتب السور والمعرض مش المهم أنكم تقرؤوا"، تبتسم سميرة مبدية قناعتها بهذا الحديث، لتعطيه ثمن روايتها وتنصرف.
فيديو قد يعجبك: