في الصمت الانتخابي.. ما الذي يتحدث عنه المصريون؟
كتبت- نانيس البيلي:
كانت الحركة هادئة في منطقة عابدين بمدينة القاهرة. حل الليل منذ ساعات، المارة يتحركون في خفة، تداعب نسمات الهواء وجوه العابرين، والجالسين على المقاهي التي يشتهر بها الحي العريق.
شباب وكبار في السن، تجمعات معتادة تجلس ربما يوميا على المقاعد نفسها، لكن ما يميز أمس، السبت 24 مارس، أنه كان أول أيام "الصمت الانتخابي" قبل انطلاق انتخابات الرئاسة، وكان التساؤل في ذهننا: عن أي شيء يتحدث المصريون؟ وهل تشغل الانتخابات المرتقبة حيزا كبيرا من أحاديثهم؟!
التقلبات الجوية والانتخابات وتفجير الإسكندرية والعملية الشاملة وأمان المصريين وماتش البرتغال
"نسيم"، رجل أربعيني، جلس برفقة 8 من أصدقائه على أحد مقاهي عابدين، يتبادلون الضحك على ما حدث له قبل قليل. "اتفاجئت إن الجو قلب برد أوي، وأنا جاي، فرحت اشتريت تيشيرت بكم بـ62 جنيه ولبسته في ركن محل صغير جنب القهوة".
الأحوال الجوية وتقلباتها خلال اليومين الماضيين تصدرت محور حديث الرجل الذي يعمل في شركة أدوية، بنبرة حماسية يغلُب عليها الدعابة يقول إن الحكومة هي المسؤولة عن التقلبات الجوية، "حكومة إيه اللي إمبارح وأول إمبارح حر والنهارده ثلج"، تتعالى الضحكات بين الجالسين قبل أن يمازحه صديقه: "الحكومة مالها، عايزها تركبلك تكييف في السما".
رجال من أعمار مختلفة ملأوا المقهى، ارتدى بعضهم ملابس ثقيلة وآخرون ملابس خفيفة، فيما يمر عامل المقهى على زبائنه بالمشروبات الساخنة. يُعلق أحد الحضور "إحنا كلنا زعلانين عشان حادثة تفجير إسكندرية، والله ده حرام"، فيرد آخر بأن هدفها إرهاب المصريين لمنعهم من المشاركة في الانتخابات، "عاوزين يخوفوا الناس، بس هننزل برضه نصوت".
يلتقط "عادل" كوبًا من الشاي ويقول إن البعض يستغل الحادث لإطلاق الشائعات "فيه ناس بتقول الدولة هي اللي عاملاه واشمعنا مدير الأمن مركبش في العربية.. دول بيحبوا يخترعوا"، يقاطعه أحدهم قائلاً: "وإيه يعني محاولة اغتيال مدير أمن، ما ضربوا جامع الروضة بالمصلين قبل كده ومخوفناش".
أمان المصريين
شهادة أمان المصريين كانت أحد الموضوعات التي سيطرت على حديث الأصدقاء، يرى "ملاك" أنها فكرة جيدة خاصة للفئة التي ليس لديها معاشًا مثل عمال التراحيل "دول أرزقية وبيشتغلوا اليوم بيومه، فالشهادة تبقى مفيدة ليهم"، يرد "عادل": "أنا هعملها لأنها أمان للواحد في المستقبل".
مستعدين للانتخابات
أمام أحد المحلات بشارع "محمد فريد" بعابدين، جلس الأصدقاء "مصطفى" و"مجدي" و"فتحي" حول طاولة صغيرة. بجانب الثلاثة الذين تخطوا الـ60 من عمرهم تتراص أحجار الشيشة. أمسك "مصطفى" الذي عمل مديراً عامًا بوزارة العدل قبل خروجه للمعاش، هاتفه المحمول وأخذ يقلب فيه بأنامله وهو يدقق النظر قائلاً: "بكتب عالنت عشان أطلع الرقم الانتخابي بتاعي.. إحنا مستعدين للانتخابات".
يلتقط أطراف الحديث "مجدي" الذي عمل بوزارة التجارة الخارجية قبل خروجه للمعاش ويقول إنه وجد رسالة على هاتفه المحمول لتعريفه بلجنته ومقره الانتخابي، يضحك ويضيف "طب ما أنا عارف مقر لجنتي، أنا ساكن في عابدين الشارع اللي هناك ده".
بينما يتباهى "فتحي" الذي خرج للمعاش بعد عمله مديراً بأحد البنوك، باعتياده المشاركة في كل الاستحقاقات الانتخابية "أنا كل مرة بشارك بصوتي، كنت بنزل من أيام السادات لحد انتخابات البرلمان اللي فاتت".
يحتسي رشفة من كوب الشاي ويقول إن العملية الشاملة بسيناء تحقق خطوات إيجابية في طريق القضاء على الإرهاب "بتابعها وبتفرج عليها ع التليفزيون".
فتحي: الناخب ملوش دعوة بالصمت الانتخابي ده على المرشحين بس
"يعني ممنوع الدعاية يعملوها المرشحين طول اليومين اللي قبل الانتخابات لحد ما ننتخب، ودي بدأت من النهارده.. ومنع الدعاية يبقى على المرشحين، لكن الناخبين ملهمش دعوة عادي" قالها "فتحي" عند سؤاله عن معرفته بمعني "الصمت الانتخابي".
بالقرب منهم، كان "عم حامد" عامل الأحذية منهمكا في تلميع حذاء "فتحي". انتهي من مهمته في دقائق، ونهض قادمًا نحو الرفاق الثلاثة، وضع الجزمة أمام صاحبه وهو يتمتم "يجي فينا جونين في دقيقتين ليه! التغييرات اللي كوبر غيرها كلها متنفعشي خالص".
"إحنا اتسرقنا في الماتش ده" قالها "مصطفى" بنبرة انفعالية وهو يتأفف، بينما يقاطعه "فتحي": "بس أنا فرحان عشان كسبنا حارس مرمى دولي، محمد الشناوي يا جدعان أول مرة يلعب دولي وأدى آداء رائع"، يتدخل "مجدي" قائلاً: "لما نتغلب في ماتشات ودية ونغلب في ماتشات رسمية دي حاجة حلوة، عقبال ما نكسب في كأس العالم يارب".
فيديو قد يعجبك: