"انبساط على المعاش".. كبار السن يحتفلون بمهرجان الطبول في المعز
كتبت-دعاء الفولي:
تصوير-محمود بكار:
كانت أصوات العزف تتصاعد من محيط مسجد الحاكم بأمر الله، فرق جاءت من دول العالم لتقرع الطبول في شارع المعز، زحام شديد غلّف المنطقة الأثرية، فيما جلس عمر سعيد وزوجته اعتماد عبد ربه بين الناس، يبتسمان كلما سمعا صوت الموسيقى؛ تعتبر الزوجة تلك الفرصة ذهبية "الواحد بعد المعاش ما بيصدق يلاقي خروجة حلوة يفك بيها عن نفسه".
منذ 8 أعوام انتهت مسيرة اعتماد المهنية، لتلحق بزوجها الذي بلغ المعاش قبل 12 عاما. لا تفوّت الأم لثلاثة أبناء فرصة للمرح "بنيجي المعز في رمضان وبنروح وكالة الغوري كل فترة نشوف الحفلات". تُشجع اعتماد زوجها "قعدة البيت بتجيب الهم.. احنا بنتلكك عشان نتبسط" حسبما يقول سعيد.
علم الرجل السبعيني عن ديفيليه الأمس عبر موقع فيسبوك "بفهم فيه طشاش كدة"، يعرف أن الحدث يأتي على هامش مهرجان الطبول، المُقام بالقلعة للسنة السادسة على التوالي، بحضور أكثر من 20 فرقة عالمية. رغم أن الزوجين لم يتابعا الفعاليات جيدا "عشان الزحمة شديدة"، غير أن الأجواء جعلتهما سعيدين "كان في الأول الولاد بيشجعونا نخرج ودلوقتي بقينا نتحرك لوحدنا".
قبل الخامسة عصرا، بدأت الفرق تتحرك من بوابة الفتوح، ومعها عدد كبير من الزائرين. ترقص فرقة "الفالوجة" الفلسطينية الدبكة، تشدو فرقة سوهاج ويؤدي رجالها التحطيب ببراعة، فيما تتقدمهم قليلا فرقة الطبول اليونانية، تليها فرقة سريلانكا.
بينما يمر الموكب بشارع المعز، كانت "أم أشرف" داخل منزلها، لا تعلم عنه شيئا "سمعت جارتي بتقولي تعالي في زفة معدية". تعيش صاحبة الـ65 في المنطقة القديمة منذ حوالي 50 عاما "عمري ما سمعت عن الكرنفال دة".
ما أن خرجت السيدة الستينية للشارع، حتى أصابها الذهول والسعادة "ناس كتير من كل حتة لابسين ملون"، تضحك "أم أشرف" حينما تتذكر المعز قديما "دة كان سوق زيتون وليمون، قبل ما تيجي السياحة هنا ويبقى زحمة"، لا تنزعج من تلك الحالة "خلّي الناس تتبسط".
الفرحة كذلك هي ما دعت سهر الشهاوي للنزول "انا مش بفوّت أي مهرجان تبع وزارة الثقافة إلا ولازم أروحه". تعرف السيدة الستينية مواعيد الفعاليات، لكن في احتفال المعز أمس "مكنتش متخيلة ألاقي عدد الناس دة.. حسيت إن الشعب المصري كله فنانين".
مسرح السلطان قلاوون كان وجهة العازفين. على أبواب المنازل ومن الشرفات شاهد المواطنون الاحتفال الكبير، وفيما حرص الجميع على التقاط صور مع الفرق، أمسك سمير عبد العظيم بكاميرا صغيرة، محاولا تسجيل تلك اللحظات، تارة بالصور، وأخرى بالفيديو.
استعدّ عبد العظيم، المهندس المدني بالمعاش، لاحتفال المعز جيدا "كلمت جماعة صحابي واتفقنا نتقابل"، قبل تحرك الفرق بنصف ساعة كان ينتظر أمام بوابة الفتوح، ارتدى طاقية لتحميه من حرارة الشمس، وملابس خفيفة "بعد المعاش بقيت بحضر كل الحاجات اللي اتحرمت منها وقت الشغل بتاعي".
يُعدد عبد العظيم الفعاليات "أي حاجة فيها مسرح أو سينما أو أوبرا لازم أحضرها"، أما كرنفال المعز، فيراه مختلفا "فيه روح جميلة، وحلاوة الموضوع إنه مش محتاج الناس تكون فنانة عشان تحب الفرق أو تتفاعل معاها"، يحضر عبد العظيم الحفلات بمفرده عادة "لو استنيت حد ييجي معايا مش هعمل حاجة".
على العكس اصطحبت محاسن عمر حفيدها إلى "ديفيليه" المعز. بالقرب من المسرح المكشوف، وقفت الجدّة، تقبض على يد الصغير صاحب الخمس أعوام، وفي اليد الثانية حقيبة فارغة "انا كنت نازلة أشتري حاجات ولقيت الزحمة فقلت أقف أشوف في إيه". لم تر السيدة الخمسينية الركب، لكنها تابعت بشغف العروض على المسرح "بس الموضوع محتاج تنظيم شوية، مهما كان سن الواحد مبقاش يستحمل الزحمة دي".
بسبب الزحام الشديد، كانت الأحصنة التي تحمل أفراد الشرطة، تجوب الشارع، فيما وقف بعض العساكر على الأرض، منعا لحدوث تحرش أو مشادات بين المواطنين.
أعلى الرصيف المواجه لمسرح قلاوون، وقف محسن الجمل وصديقه محسن محفوظ "احنا مش شايفين حاجة من ساعة ما جينا".. قالها الجمل ضاحكا. جاء الصديقان سويا لتمضية "وقت لطيف بعيد عن الروتين اليومي"، لا سبب يدفعهم لذلك سوى "الواحد بعد المعاش بيبقى عايز يتسلى" على تعبير الجمل، فيما قطع محفوظ حديث صديقه ساخرا "بس جينا لقينا كل اللي هنا شباب، مفيش عواجيز".
فيديو قد يعجبك: