إعلان

استغاثات "فيسبوك".. كيف تعامل المصريون مع مفاجأة السيول؟

03:02 م الخميس 26 أبريل 2018

كتب- علياء رفعت وفتحي أبو سليمان:

في السادسة من مساء الثلاثاء، كانت "هند" العشرينية تدخل إلى منزلها بالتجمع الخامس بعدما أنهت عملها. وبرغم أن الفتاة انصرفت من عملها باكرًا-بسبب إعياءٍ أصابها- إلا أن طريقها للمنزل استغرق ساعتين على غير العادة نتيجة شللٍ مروري لم تعهده من قبل.

بعد نصف ساعة من عودتها، أصيبت الفتاة بإعياء وتقلصات مرةٍ أخرى، لتقرر والدتها الذهاب للمستشفى ولكن ما حدث وقتها لم يكن في الحسبان. بضع قطراتٍ من المطر المتساقط تحولت بمرور الوقت إلى سيول صاحبها الرعد والبرق، فغرقت كل شوارع المنطقة التي عُزل أهلها عن الخارج تمامًا.

"تفاجأت بمغص كلوي رهيب، مكنتش قادرة اتحرك ومفيش حل غير إني أروح المستشفى اللي مقدرتش أوصلها" قالتها هند وهي تتذكر اللحظات المؤلمة التي عايشتها أمس بسبب عدم قدرتها على الخروج من منزلها الذي تحولت الشوارع أمامه إلى بحيرات عميقة من المياه، "العربية كمان غرقت في المياه ومبيقناش عارفين نعمل ايه ولا نتصرف ازاى".

اتصالات عديدة أجرتها والدة الفتاة بالأب الذي كان بالخارج في ذلك الوقت، ولم يسعفه الزحام أو المطر للوصول إلى منزله ليطصحب ابنته للمشفى، ليشعر حينها بالعجز التام، وهو يدعو فقط أن تمضي تلك الليلة على خير أو تحدث معجزة تُوصله إلى ابنته ليتمكن من مساعدتها بأى سبيل.

"الفيسبوك كان الحل الوحيد" هكذا تبادرت الفكرة إلى ذهن والدة هند لتنقذ ابنتها. عبر شاشة هاتفها، فتحت الأم حساب الفيسبوك وتواصلت مع العديد من الأصدقاء والأقارب ليدلها أحدهم، يعمل طبيبًا، على مُسكن من المسكنات التي تتوافر لديها ليهدئ آلام الابنة ولو قليلًا حتى توقف المطر "لولا المسكن كانت بنتي فضلت تتألم طول الليل بسبب شوية مطرة مسؤولين بلدنا مش عاملين حساب!".

كانت موجة الطقس السيئ باغتت المصريين مساء أمس، إذ هطلت الأمطار بغزارة، في محافظتي القاهرة والجيزة ما أصاب شوارعهما الرئيسية بحالة من الشلل التام، والتي انطلقت معها صرخات استغاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والاتصالات بالنجدة والمطافئ والأجهزة المعنية. واشتكى المواطنون من تجمعات مياه الأمطار تارة، وانسداد الطرق تارة أخرى.

وقبيل مفاجأة الطقس، انطلقت تحذيرات الأجهزة الرسمية، إذ ناشدت الإدارة العامة للمرور، سائقي السيارات، والمواطنين بتوخي أقصى درجات الحذر، حفاظا على سلامتهم، وتنبيهات هيئة الأرصاد، متمثلة في تصريحات رئيسها أحمد عبدالعال، بأن التغير في الأحوال الجوية سوف يستمر لمدة 3 أيام.

الامطار (1)

لم يكن والد "هند" هو الشخص الوحيد الذي لم يستطع الوصول لابنته، ففي التوقيت ذاته الذي كان يسعى فيه للعودة إلى منزله، كانت حركة المرور قد شُلت تمامًا في الطريق الدائري.عرباتٌ مكدسة على طول الطريق، بينما ترتفع مياه الأمطار إلى فوق عجلاتها فتمنعها من السير والتحرك. لساعاتٍ طويلة ظل الطريق مغلقًا وقامت إحدى السيدات بتصوير فيديو ورفعته على الفيسبوك وهى تشكو عدم استجابة المسؤولين للاستغاثات المتكررة.

ثماني ساعات هي مجمل الوقت الذي قضته السيدة بصحبه ابنتها ووالدتها عاجزات عن الحركة بالسيارة، أو شراء المأكولات والمشروبات، أو التزود بلبس ثقيل، حتى انهارت السيدة تمامًا وهى تنادي في المسؤولين عبر الفيديو "انتوا فين، ليه محدش سامع صوتنا وبيرد على استغاثتنا، بقى لي 8 ساعات أنا وبنتي وأمي محشورين هنا والبنت هتموت من الجوع والبرد!".

الامطار (2)

بالتزامن مع استغاثات مواقع التواصل الاجتماعي، كانت إدارات النجدة والحماية المدنية أيضًا تتلقى العديد من بلاغات الاستغاثة، أصعبها كان إنقاذ سيدة سقطت سيارتها في حفرة مليئة بالمياه بشارع بتروسبورت في منطقة التجمع الخامس أثناء عودتها لمنزلها وقت هطول الأمطار، لتنطلق على الفور سيارات الإنقاذ التابعة لإدارة المطافئ، إلى موقع البلاغ وتتمكن من استخراج السيدة وسيارتها من وسط المياه العميقة.

الامطار (3)

وفي الوقت الذي كانت تتلوى فيه "هند" من ألم انقباضات المغص الكلوي دون رعاية طبية تذكر بسبب الأمطار، كان 21 طالبًا بالمرحلة الإعدادية يستعدون لقضاء ليلتهم بعد أن نصبوا خيمهم في محمية وادي دجلة.

ولكن سرعان ما تبددت أحلامهم بالتخييم لدى هطول أمطارٍ خفيفة تحولت إلى سيولٍ جارفة أدت إلى تعطل سياراتهم وغياب الأثر الذي كانوا يتتبعونه لتتركهم في الصحراء دون مخرج أو دليل.

على مسافة 3 كيلو داخل الجبل في منطقة وعرة ومدقات ومخرات للسيول كان الطلاب يقبعون في انتظار الفرج بعد أن قاموا بشق الأنفس بالاتصال للابلاغ عن تعطل السيارة، فيما استغاثت مدرستهم "الحياة الدولية" بشرطة النجدة التي تحركت على الفور بالاستعانة بأعراب البدو ونجحت الجهود الأمنية بعد 5 ساعات من البحث في إعادتهم سيرًا على الأقدام، لصعوبة دخول السيارات في الوحل الذي سببته السيول.

وقامت الخدمات المرورية مع أجهزة محافظة القاهرة بدفع سيارات وخزانات لرفع المياه التي تجمعت بـ(مطلع كوبري أكتوبر من امتداد رمسيس، والنصر والعروبة، ومطلع ماسبيرو، والسبتية، ومطلع رمسيس، وكوبري 15 مايو بمجرى العيون تجاه السيدة زينب، ومطلع ومنزل كوبري السيدة عائشة، ومنزل ومطلع كوبري الملك الصالح، ومطلع كوبري الأباجية، والتونسي، وميدان إثر النبي، ومطلع الدائري، وكوبري المعصرة، ونفق طره، ونفق زهراء المعادي، ومطلع ومنزل كوبري التسعين، والواحة)، في محاولة لتلافي الأزمة المرورية التي شلت البلاد إثر هطول الأمطار التي من المتوقع استمرارها حتى الغد.

فيديو قد يعجبك: