كأس العالم في "مصر الجديدة".. شوارع خالية وكافيهات مزدحمة بـ"بركة الماتش "
كتبت - علياء رفعت:
بين شوارعها الهادئة، ورغم ارتفاع درجة الحرارة، كانت الأجواء مفعمة بالحيوية في منطقة "مصر الجديدة" فالجميع يستعد لاستقبال أول مباريات منتخب مصر في كأس العالم منذ الأمس بترقُبٍ شديد على أمل الفوز.
في الثانية عشر ظهرًا، وعقب انتهاء صلاة الجمعة مباشرة بدأت الجموع بالتوافد على المقاهى والكافيهات المختلفة بشوارع المنطقة. فيما كانت الفتيات والنساء هُن من يتصدرن المشهد حاملات لأعلام مصر وهن يرتدين ثيابًا بألوانه.
على مشارف شارع "الصومال"، كانت تقف جموع الفتيات والشباب باحثين عن مكانٍ بأحد الكافيهات والمقاهي ليشاهدوا المباراة، بينما بالتوغل قليلًا داخل الشارع بدت جميع الأماكن مكتظة تمامًا.
إلى جوار أحد المقاهى، وبين الجماهير المُشجعة؛ وقفت "إيمان" وصديقاتها بعد أن قررن مشاهدة المباراة سويًا، لم يمنعهن اكتظاظ المقاهي بالرواد من ذلك، ليكتفين بالوقوف على جانب الطريق ليتابعوا من خلال شاشة المقهى الكبيرة وسط الجموع.
"منمناش من امبارح عشان الماتش ده" تقولها رضوى إحدى صديقات إيمان وهي تلوح بعلم مصر في يدها، مؤكدة أنها اجتمعت ورفاقها منذ صلاة العيد ثم قررن مشاهدة المبارة وسط الناس "بيبقى ليها طعم تاني لما تكون الناس كلها بتشجع من قلبها كده".
ورغم الزحام إلا أن الصديقات الخمس لا يخشينه مؤكدين أن "الناس ملهية في الماتش لأن هو العيد، ومحدش هيضايق حد".
تلتقط آية طرف الحديث لتُضيف "احنا كُل أملنا منروحش منكدين أو نخسر، يا رب أبو صلاح يحسمها بالمكسب."
عقب انقضاء الشوط الأول من المباراة كان "محمد عزت"، بائع الإعلام العشريني، يتحرك بشغف وسرعة بين مختلف طرابيزات المقاهى وهو ينادي على بضاعته "شجع مصر".
ورغم ولع أغلب الشباب بكرة القدم إلا أنها لا تُشكل لمحمد سوى مصدر رزق في مواسمها، فقبل ثلاثة أيام فوجىء الشاب - الذي يمتلك فرشة للعب الأطفال بمنطقة الكوربة - بأن مباراة مصر ستكون أول أيام العيد "جريت اشتريت الأعلام بالجملة في نفس اليوم عشان مجيبهاش بالغالي تاني يوم."
بين الشوطين، كان بيع الأعلام في رواج أثار سعادة محمد "الناس نفسها نكسب الماتش ومتحمسة، وأنا نفسي أبيع الأعلام كُلها وأدخل على ولادي بحاجة حلوة."
الاستعداد لتلك المبارة لم يكن بالمهمة السهلة على أصحاب الكافيهات والمقاهي أيضًا فهو يتطلب في بعض الأحيان زيادة العِمالة، والحجز المُسبق لضمان مكان للمشاهدة، إلى جانب الالتزام التعليمات الصارمة التي يطلقها مُديري المقاهي والكافيهات.
"بعض الزباين زعلوا لأني مقدرتش احجزلهم بالتليفون بسبب الإقبال" يقولها لويس بطرس صاحب أحد الكافيهات بشارع السودان، مُؤكدًا أنه أجرى اجتماعا للعاملين بالكافيه أمس ليؤكد عليهم الحذر والهدوء في استقبال الزبائن أثناء المباراة.
الأمر ذاته طبقه "ماركو نجيب" مدير أحد الكافيهات بمنقطة الكوربة، والذي استجلب عِمالة زائدة بسبب المباراة، كما حول صالة "البوب" داخل الكافية لمكان يصلح لمشاهدة المباراة.
أما "علي موسى" صاحب أحد المقاهي بشارع الصومال، فأمر العمال بالمبيت منذ الليلة السابقة لتحضير المقهى ورص الكراسي أمامه بطول الشارع.
مع انطلاق الشوط الثاني من المبارة، كان "محمد علي" وأصدقاؤه يتبادلون الأراء حول أداء المنتخب في المباراة، والتبديلات التي يراها كُلٌ منهم ضرورية للفوز، بينما يجتمعون على أن عدم تواجد "صلاح" بالمباراة قد دخل في حيز السلب وليس الإيجاب.
هتفاتٌ وشهقاتٌ عديدة كان يطلقها الشباب بين الحين والآخر بصوتٍ غاضب كلما اقترب المنتخب من إحراز هدفٍ لم يكتمل، ليخيم عليهم صمتٍ تام عقب إحراز الهدف الأول بمرمى مصر.
"لعبوا كويس بس متوقعتش نخرج من الماتش خسرانين بعد الحماس والتشجيع ده كله.. التبديلات مكنتش موفقة ابدًا" يقولها محمد العشريني بحسرة بينما يُصدق على حديثه أحد الأصدقاء مُضيفًا "لسه في أمل في المجموعة رغم خسارة الماتش ده."
عقب انتهاء المباراة، خلت الكافيهات، وبدا ميدان الاحتفالات بمصر الجديدة "الكوربة" هادئًا على غير عادته في تلك المناسبات.
انصرفت الجموع يلاحقها حُزن الخسارة. وفيما قرر البعض التغلب على ذلك الحُزن بالتوجه إلى السينمات التي اكتظت شبابيك تذاكرها بالرواد، واتجه البعض الآخر إلى منازلهم وهم يحلمون بالفوز في الماتش القادم لتعويض تلك الخسارة واللحاق بركب كأس العالم.
فيديو قد يعجبك: