كيف مرت مباراة مصر في كأس العالم على عمال مترو الأنفاق؟
كتب- محمد زكريا:
لم تكن مباراة عادية أبدًا؛ منتخب مصر يلعب لقائه الأول في كأس العالم، بعد غياب دام 28 عامًا، لكن هناك من لم تسعفه الظروف لمشاهدة المباراة وهو في مقر عمله، منهم عمال مترو الأنفاق، فكيف مرت دقائق المباراة عليهم؟
على باب محطة كوبري القبة بالخط الأول لمترو الأنفاق، كان عامل الأمن يستقبل مستقلي مترو الأنفاق، يتأكد من مرور أمتعتهم على جهاز المراقبة الآلي، ورغم قلة عدد الوافدين على المترو في وقت المباراة، إلا أن رجل الأمن لم يستطع ترك مكانه لدقائق قليلة، يسترق فيها النظر إلى لاعبي المنتخب الوطني في مواجهتهم لاعبي أوروجواي، وظيفته تحمل قدر من المسؤولية، وما باليد حيلة، فقط يتسائل عن نتيجة المباراة، والأهم عن مستوى الأداء، يريد هو أن يطمئن قلبه.
لكن زميله كان على موعد مع استلام عمله في الرابعة مساءً. هكذا توزع ساعات العمل في الأعياد؛ فترة تبدأ من السابعة صباحًا وتنتهي في الرابعة مساءً، لتبدأ أخرى، تنتهي في الواحدة من صباح اليوم التالي.
على كل حال، كان على الزميل أن يتواجد بمحل عمله في الموعد المحدد. وضع رجل الأمن خطته مساء أمس، وهو أن يشاهد المباراة من مقهى يقترب من محطة المترو، نفذ الرجل ما أقره بنفسه، وفي اللحظة التي أحرز منتخب أوروجواي هدفه القاتل في الدقائق الأخيرة من المباراة، التي بدأت في الثانية مساءً، غادر المقهى إلى محطة كوبري القبة، ليمارس عمله اليومي، والذي خف الضغط عليه نظرًا لطبيعة العمل يوم الجمعة، يوم العيد والمباراة، لكن شغل العامل وقته بالحديث عن فرص مصر في التأهل للدور الذي يلي المجموعات بعد هزيمتها اليوم.
داخل شباك التذاكر، كان الموظف المسؤول عن بيعها في محطة منشية الصدر يمارس عمله المعتاد، مرت المباراة على الرجل دون أن يتشبع ولو بالقليل من إثارتها، من وقت لآخر يسأل طالبي التذاكر القليلين عن مجرى المبارايات، لكن يداوم التعرف على نتيجة اللقاء من صديق له، يضع أمامه جهاز راديو، يسمع منه حركة الكرة.
برضا، يتحدث بائع التذاكر عن حظه العثر الذي أقر موعد المباراة مع وقت عمله، لكن ربما تلعب المباراة القادمة في وقت يكون هو إجازة، وزميل له يعمل، مرة لك ومرة عليك، يقول هو ذلك بابتسامة.
كان جهاز الراديو، هو رفيق سائق القطار الذي توقف في محطة الشهداء. على مقعد القيادة، يمارس السائق عمله، أمامه راديو لونه أحمر، كان هو وسيلته لسماع المباراة، التي حضرت بعد غياب مصر عن البطولة 28 عامًا كاملة، كان السائق وقتها شابًا، لم تؤرقه المسؤوليات بعد، الآن لديه أسرة ومصاريف لا تنتهي، ولم تعد رفاهية في الوقت الحالي أن يختار موعد عمله، حتى وإن تصادفت مع موعد اللقاء الذي انتظر مشاهدته لسنوات طويلة.
الأمر تشابه عند عامل نظافة بمحطة جمال عبد الناصر، لم يستطع الرجل أن يشاهد اللقاء، صحيح لم يرهقه العمل لأن حركة الركاب خفيفة، لكن لم ينجح في استبدال فترة عمله بأخرى، فالجميع كان يهمه مشاهدة المباراة، يحمد الله هو على كل حال، لكن يحزن لخسارة مصر بهدف في اللحظات الأخيرة.
فيديو قد يعجبك: