لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"مدارس بلا معلمين".. كيف يتغلب المديرون على الأزمة مع بداية العام الدراسي؟

01:13 م الجمعة 21 سبتمبر 2018

مدارس بلا معلمين - أرشيفية

كتبت - نانيس البيلي:

استعدادات تجري على قدم وساق لبدء العام الدراسي الجديد داخل 45 ألفا و279 مدرسة حكومية بجميع محافظات الجمهورية، ظهرت معها مشكلات تواجه العملية التعليمية، كان أبرزها وجود عجز في المعلمين بالمدارس الحكومية، وهي الأزمة التي بدأت قبل عامين وفق عدد من مديري المدارس، الذين يلجأون إلى حيل من أجل تيسير أمور مدارسهم، لكنها في المقابل تأثر بالسلب على العملية الدراسية.

لجنة التعليم بمجلس النواب أكدت وجود الأزمة خاصة في مرحلتي رياض الأطفال والتعليم الابتدائي، وفقا النائب فايز بركات، عضو اللجنة الذي قال لـ"مصراوي" إنهم تحدثوا مع وزير التربية والتعليم في تلك المشكلة ووعدهم بحلها، وأجرى خطوات فعلية، حيث أصدر في مايو الماضي قرارا رقم 202 بالنَدب الجزئي من الإدارات المختلفة، بمعنى أنه إذا كان المعلم ليس لديه جدول حصص كامل في مدرسته وهناك نقص في إدارة تعليمية أخرى بنفس المحافظة فيسد العجز فيها بنظام الانتدابات.

لكن ثمة مشكلة لا تزال قائمة، وفق "بركات"، تتمثل في صعوبة المواصلات في بعض الإدارات التعليمية بالمحافظات التي تتجاوز حدودها 100 كيلومتر.

من جانبه، نفى محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم وجود نقص في المعلمين، قائلا: "مفيش أزمات أو عجز بمعنى الكلمة"، واستدرك قائلا: "لكن هناك سوء توزيع، سنعيد توزيع للمعلمين في أماكن العجز، والوزارة تعمل على هذا الملف منذ سنوات واقتربنا من وضع حل نهائي للمشكلة".

يختلف مع هذا التوصيف لأزمة عجز المدرسين، كمال مغيث، الخبير التربوي، فيقول "الموضوع ليس مجرد سوء توزيع، ولكن هناك عجز حقيقي بالفعل والأسر أصبحت مضطرة للتعامل معه عن طريق اللجوء للدروس الخصوصية".

وبحسب" مغيث" تتسبب تلك الأزمة في إهدار حق الطلاب في التعليم، حيث يلجأ مديرو المدارس للتحايل على نقص المدرسين عن طريق إما تقليل عدد الحصص وربما تقليل عدد الطلاب.

ويرى فايز بركات، عضو لجنة التعليم، أن هناك سوء توزيع للمدرسين في المراحل التعليمية الأخرى، أدى إلى نقص في أعدادهم ببعض المناطق مقابل زيادتهم في أماكن أخرى، وتلك المشكلة حدثت منذ قرار تعيين الـ30 ألف معلم قبل 3 سنوات، واختير بعضهم للعمل بمناطق بعيدة عن محل إقامتهم، ومنذ عام طلبوا الرجوع إلى مدنهم وقراهم وتمت الاستجابة لمطالبهم وهو ما تسبب في عودة الأزمة مجددا.

شاهندة عبدالله - اسم مستعار- لمدير مدرسة ابتدائية بمحافظة الدقهلية، تشكو لنا معاناتها في توزيع حصص العام الجديد في ضوء عجز المدرسين بمدرستها للسنة الثالثة على التوالي، والذي وصل هذا العام إلى نقص 7 معلمين.

800 طالب هو عدد تلاميذ المدرسة التي تولت "شاهندا" إدارتها قبل عامين، يعمل معها 12 معلما، لم تفلح جهودها التي تبذلها منذ أكثر من عام إلا في توفير معلم واحد من بين 7 معلمين تحتاجهم، لذلك وهي تجهز الجدول الدراسي للعام الجديد لجأت إلى زيادة عدد الحصص للمدرسين "وده طبعا هيبقى عبء كبير عليهم، بس معنديش حل تاني".

"أن تتضمن إعلانات التربية والتعليم طلب تعيين معلمين على حسب العجز بالمديريات فقط وليس إعلان عام" كان ضمن طلبات لجنة التعليم من الوزارة، بحسب فايز بركات، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، غير أن الطلب لم ينفذ حتى الآن، بسبب وقف التعينات سواء للمتخصصين أو غير المتخصصين.

في عام 1998 قررت الحكومة إلغاء تكليف خريجي كليات التربية المعنيون بالتدريس، ومنذ ذلك التاريخ بدأ يزاول "التدريس" خريجون من كليات وتخصصات بعيدة عن المهنة.

ويشير "بركات" عضو لجنة التعليم بمجلس النواب إلى أن مسؤولي الوزارة وعدوهم بطلب تعيين معلمين، لكن الأمر ليس بسهولة لكي يتم تنفذ في الحال، وسوف يستغرق وقت، لأن عملية التنفيذ مقيدة بميزانية محددة للتعليم بجانب أن الأمر مرتبط بجهاز التنظيم والإدارة بالدولة وبدرجات مالية معينة لابد أن يتم توفيرها أولا.

67 مليار جنيه هي ميزانية رواتب المعلمين في العام الدراسي الجديد من إجمالي 81 مليار جنيه هي ميزانية التعليم في العام الحالي، بحسب "بركات"، ويتبقى منها حوالي 14 مليار جنيه فقط، منهم 8 مليارات جنيه تخصص للأبنية التعليمية، أما باقي الميزانية البالغ 6 مليار جنيه فيذهب لباقي مستلزمات التعليم.

الميزانية وراء الأزمة

"عجز المدرسين يرجع إلى عجز في ميزانية التعليم"، هكذا يرى كمال مغيث، الخبير التربوي، موضحا أن توفير الميزانية التي ينص عليها الدستور يمكن وزارة التربية والتعليم من حل الأزمة عجز المدرسين، فالاستحقاق الدستوري ينص على أن 4% من الناتج المحلي يخصص للتعليم ما قبل الجامعي وهو ما يصل إلى حوالي 150 مليار جنيه مصري، لكن ميزانية السنة الجديدة لا تزيد على 98 مليار جنيه، وهذا يعني أن هناك حوالي 60 مليار من ميزانية التعليم لم له من الأساس.

ويضيف "مغيث": "بالتالي منطقي أن يحدث هذا العجز، وتصبح رواتب المعلمين هزيلة لا تسمح لهم بحياة كريمة والتفرغ لطلابهم وللعملية التعليمية، وكل معلم يلهث وراء الدروس الخصوصية".

992 ألفا و797 مدرسا هم عدد المعلمين بالمدارس الحكومية، بحسب إحصائية صادرة عن وزارة التربية والتعليم عام 2017، بينما يتجاوز عدد الطلاب الـ20 مليون تلميذ.

تضطر "شاهندة" مديرة مدرسة ابتدائية بمحافظة الدقهلية إلى إسناد الحصص للعاملين بالمدرسة من غير المتخصصين، مثل مشرفو الصحافة والأخصائية الاجتماعية ومسؤولة المكتبة ومشرفة المعمل "وأحيانا بوزع الحصص على الإداريين، أعمل إيه ما هو ماينفعش أسيب الفصل فاضي".

بجانب إشرافها على إدارة المدرسة، تضطر أحيانا مديرة المدرسة "شاهندة" إلى دخول حصص والشرح للتلاميذ، بينما في أوقات أخرى "مبلاقيش مدرسين فبروح الولاد بدري عن الميعاد الرسمي حصة أو حصتين"، وتكون المشكلة أكبر أمامها في حالة غياب أي من معلمي المدرسة الـ 12" لأن وقتها الحصص الاحتياطي توزيعها بيزيد".

حصول عدد كبير من المعلمين على إجازات من الوزارة بهدف التحاقهم بالمدارس الخاصة أو سفرهم للعمل بالخارج، إحدى مشكلات أزمة نقص المعلمين، وفق ما يقول" خالد صفوت" أدمن صفحة "ثورة أمهات مصر على المناهج التعليمية المصرية"، ويوضح أنهم يشغلون الرقم الإجمالي لعدد المعلمين بالمدارس الحكومية، وحين تشتكي المدارس من وجود عجز، تواجههم الوزارة بالرقم المدرج بصرف النظر عن من يمارس مهنة التعليم بالفعل.

"نعترف بوجود مدرسين حاصلين على إجازة، وهي مشكلة كبيرة تواجهنا"، يعلق فايز بركات، عضو لجنة التعليم، ويرى ضرورة تحديد فترة إجازة لكل معلم "وبعدها لو مرجعشي يتم استبعاده عشان يخلي مكان لمدرس غيره"، بينما ينفي محمد عمر، نائب وزير التعليم أن يكون ذلك أحد أسباب المشكلة قائلا: "اللي واخدين إجازة نعملهم إيه؟! دول يتعدوا على الأصابع ومش من أسباب العجز، مفيش الكلام ده"، مضيفا أن عجز المدرسين مرتبط بالحصص وبمكان المدرسة وموضوع الأبنية التعليمية الانتدابات والمسميات الوظيفية وتعديلاتها.

12 فصلا هي قوام مدرسة المديرة "شاهندة"، يدرس 12 معلما متخصصا لقرابة 800 طالب، بجانب 11 أخصائيا، مشرفة صحافة، 5 إداريين، و3 عمال لنظافة المدرسة.

النقص ناتج أيضا كما تقول المديرة عن تقاعد مجموعة كبيرة من المعلمين المحالين إلى المعاش معظمهم من خريجي دبلوم المعلمين، وعدم تعيين آخرين مكانهم بسبب وقف التعينات منذ 20 عاما، وتؤكد أن المشكلة تفاقمت بعد قرار تسكين معلمي الـ30 ألف في محافظاتهم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان