بعد "التوجيه الرئاسي".. الأمل يُراود "المُسْتَبْعَدين" أمام مكتب تموين "بولاق" (صور)
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتب - أحمد شعبان:
لم يتردد "حسن عبد العال"، في التوجّه صوب مكتب تموين بولاق "ب"، الواقع بأحد الشوارع المتفرعة من شارع العشرين بمنطقة فيصل، وفي يده مجموعة أوراق هي "البطاقة التموينية، بطاقة تحقيق الشخصية وشهادة ميلاد نجله"، من أجلّ تقديم تظلّم جديد بعد حذف أحد أبنائه من بطاقته التموينية، راوده الأمل بعدما شاهد عبر أحد قنوات التليفزيون التوجيه الرئاسي، قبل يومين، بمراجعة إجراءات تنقية البطاقات التموينية وما ترتب عليها من حذف بعض المستحقين منها.
في العاشرة صباحاً، وصل صاحب الستين عاماً إلى مقر المكتب، قادماً من منطقة بولاق الدكرور، لكن أحد الموظفين أخبره بأن "السيستم واقع"، ما دفعه للانتظار حتى الواحدة والنصف ظهراً لإتمام تقديم تظلّمه، يقول رب الأسرة المكونة من 5 أفراد، إنه تقدّم بتظلّم قبل عام تقريباً، بعدما حُذف ابنه من بطاقة التموين دون أن يعرف السبب، وبين حين وآخر كان يحاول معرفة نتيجة تظلّمه دون جدوى.
ملّ الرجل الذي يتقاضى معاشاً شهرياً لا يتجاوز 3 آلاف جنيهاً، بطء وروتين الإجراءات الحكومية، بحسب قوله، فقرر صرف نظره، بينما انشغل بالبحث عن وسيلة تمكنّه من إجراء عملية جراحية لابنه تتكلف مبلغ 18 ألف جنيه، وهو ما يفوق طاقته "قلت أوفّر التعب والمشاوير لعلاج ابني وأشوف طريقة عشان يعمل العملية، لكن لما شفت المنشور الجديد على التليفزيون إنهم هيرجّعوا الناس اللي اتحذفت قلت أقدم تاني وربنا يسهّل"، يذكر "حسن".
حَذف عدد من المواطنين من بطاقات التموين أثار جدلاً كبيراً خلال الشهور الماضية، بعدما مرّت عملية تنقية البطاقات التموينية، التي يستفيد منها أكثر من 60 مليون مواطن، من قبل وزارة التموين والتجارة الداخلية، بمراحل عديدة، بدأت في شهر مايو 2018، وصلت ذروتها فبراير الماضي، حين أعلنت الوزارة وضع معايير ومحددات سيتم على أساسها تحديد من يستحق الدعم، تم تنفيذها على 4 مراحل. في المرحلة الأولى تم تنقية البطاقات ممن لديهم سيارات فارهة، أو يتجاوز استهلاك الكهرباء لديهم ألف كيلووات، أو يدفع رسوماً دراسية للطفل الواحد تصل إلى 30 ألف جنيه، وفي المرحلة الثانية تم حذف من يتجاوز استهلاك الكهرباء 650 كيلووات، أو تبلغ فاتورة هاتفه المحمول 800 جنيه فأكثر، إضافة إلى أصحاب الوظائف العليا.
إيقاف صرف السلع التموينية قبل البتّ في التظلم، أرهق كثيرين، بينهم "محمد حسن"، موظّف المعاش، خاصة أن الرجل كان يصرف ببطاقته سلعاً لأسرته المكونة من 3 أفراد، غير أنه فوجيء في شهر ديسمبر الماضي بحذفه وابنته من البطاقة بينما "فضلت مراتي بس، وبقينا بنصرف سلع فرد واحد بس، فإزاي ده يغطي احتياجات أسرة كاملة"، يقول صاحب الـ64 عاماً.
بدأ بعدها الرجل رحلة طويلة من تقديم تظلّم تلو آخر، لكن ذلك لم يُفضي إلى شيء، فكان مجيئه إلى مكتب تموين بولاق "ب"، صباح اليوم، حاملاً أوراقه، لتقديم تظلّم رابع جديد، علّه يظفر بصرف السلع التموينية المقررة لأسرته كاملةً "السيستم عندنا فيه مشكلة، كل ما كنت آجي أسأل التظلم وصل لفين، الموظّف يقولي لسه ورقك بيتراجع"، يقول الرجل الذي يتقاضى معاشاً شهرياً يصل إلى 2500 جنيه.
لا يعلم الرجل، حتى الآن، سبب الحذف من بطاقة التموين، والأمر نفسه بالنسبة لأسرة "سيد علام"، المكونة من 4 أفراد، حُذف منهم 3 أفراد "وقدّمنا تظلّم الشهر اللي فات، وهنقدّم تاني النهاردة لأن مش عارفين اتشالنا ليه"، تقول زوجته.
أغلب المترددين على مكتب تموين بولاق، سبق لهم أن قدموا تظلمات طوال الشهور الماضية، لكنها لم تنتهي إلى شيء، فيما يقول مدير مكتب التموين إنهم استقبلوا عدد كبيراً من المواطنين جاءوا لعمل تظلّمات، بعد فتح باب تقديمها، بعدما طمأن الرئيس عبدالفتاح السيسي المستبعدين بإعادة النظر في عمليات الحذف والتنقية، ببينما يأتي "إمام عبد الجليل" ليقدم تظلماً في مكتب التموين، للمرة الأولى، بعدما فوجيء "امبارح رحت أجيب عيش وتموين لقيت اتحذف من عندي 2 وفضل 2 بس على البطاقة"، باستغراب يقول الرجل، خاصة وأن أسرته تتكون من 7 أفراد لكنه لم يستطع إضافة 3 من أولاده "يعني باخد تموين أقل من اللي محتاجه ومع ذلك برضه راح نصفه، ده انا كان ابني اتجوز من 3 شهور جيت عشان انزله بدل ما ينزلوه هو شالوا اتنين تاني من على البطاقة".
استغراب الرجل الستيني، الآتي من منطقة بولاق الدكرور، بسبب الحذف دون معرفة الأسباب، زاد عليه ضيق بسبب الانتظار الطويل أمام مكتب التموين "لما عرفت إنهم هيرجعوا الناس جيت أقدم تظلم، لكن لقيت السيستم واقع وقالولي استنّى"، فيما يتمنى أن يستمر صرف السلع التموينية للمستبعدين إلى أن يتم البت في التظلّمات.
استمرّت عمليات الحذف والتنقية التي طالت بعض الموطنين المقيدين بمنظومة الدعم، ووصل إجمالي من تم حذفه وفقاً لمحددات شهر فبراير الماضي 3.5 مليون مواطن، بعضهم تعرّضوا للحذف العشوائي، دون سبب، ما دفع كثيرين للتقدم بتظلمات استجابت الوزارة لعدد منها، وأعلنت أمس، إعادة 1.8 مليون مواطن للبطاقات التموينية تنفيذاً لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي. فيما أعلنت الوزارة أنه على الباقين تقديم تظلّماتهم، على أن يتم فحضها خلال 15 يوماً، بدلاً من 21 يوماً، ولن يتم إيقاف صرف السلع التموينية حتى يتم البتّ في التظلم، كما كان يحدث سلفاً.
قبل 4 سنوات، استخرج "محمد رمضان"، 40 سنة، بطاقة تموين بعد زواجه، يقول " مشيت في إجراءات تحويل مراتي من يطاقة والدتها إلى بطاقتي أنا وفرحت وقلت أنا عندي بطاقة وفرحت بيها وقلت دي حاجة جميلة وأبتدي اضيف أولادي"، غير أنه ذلك نتج عنه حذف زوجته نهائياً من المستحقّين للدعم، وطوال السنوات الأربع قطع رحلة طويلة من تقديم الأوراق اللازمة، لكن لم يظفر بشيء، غير ملله من الروتين وإعادة تقديم نفس الأوراق كل مرة "آخر مرة قالولي اعمل تظلّم أنا حتى مش فاكر هو رقم كام، فعملته من سنة وبعد 6 شهور عملت تظلم تاني، لا ده نفع ولا التاني نفع، ووقت ما فتحوا المواليد أغسطس الماضي قلت أضيف 2 المفروض يتضافوا"، لكن لم يتغيّر شيء، وفق ما يقول محمد.
جاء محمد، الذي يعمل بمحلّ لصيانة الريسيفيرات، صباح اليوم، على أمل كبير"قالولي المرة دي الموضوع مختلف فأتمنى إن مشكلتي تتحل وكل حاجة تبقى تمام، ونفسي أفهم هي البطاقات الجديدة صعب إني اتعامل عليها بالشكل ده، أنا بصرف بطاقتي لفرد وحد بس اللي هو أنا بالرغم من أننا 5 أفراد في الأسرة".
فيديو قد يعجبك: