"زفة إلى الجنة".. رفيق شهيد العريش يروي لمصراوي لحظات الوداع الأخيرة
كتب- محمد زكريا:
أول أمس، استقبل أحمد سعيد، مكالمة هاتفية، من ابن عمه، إبراهيم مصطفى، يطمئنه على حاله في سيناء، بينما يرتب معه خطة الاحتفال، فأيام قليلة كانت تفصل الجندي عن إنهاء خدمته الإلزامية، والعودة إلى الحياة المدنية. اتفق الشابان على أن يكون اليوم الأول من نصيب ألعاب الكرة، الرياضة التي يشتركان في عشقها منذ الطفولة، غير أن عملا إرهابيا ضرب آمالهم البسيطة.
إذ "قامت العناصر الإرهابية"، صباح أمس، بـ"مهاجمة إحدى الارتكازات الأمنية، بشمال سيناء"، مما أدى إلى "إصابة واستشهاد ضابط و14 درجات أخرى"، بحسب الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة.
من التلفزيون، علم سعيد، بالعمل الإرهابي في شمال سيناء، قلق تلبس صاحب الـ21 عاما، تسارع في الاطمئنان على ابن عمه، صديقه، وجاره في بيت العائلة، حاول التواصل معه، غير أن تليفونه ظل مغلقا لساعات، مما زاد الخوف في قلب الأسرة، واضطر سعيد إلى التواصل مع أصدقاء الشاب بالجيش، في حوالي الثالثة عصرا، ليصله بعد دقائق قليله الرد على سؤاله: "شد حيلك، إبراهيم شهيد".
كأن الأرض تحركت من مكانها، أحس سعيد بضربة على رأسه، لم يستطع تمالك نفسه، كذا لم يعرف ماذا عليه أن يفعل؟ تواصل مع الأخ الأصغر لإبراهيم، طلب منه الأخير ألا يُخبر والدته، وتولى هو إبلاغ والده، الذي أصابته الصدمة، لكنه تماسك أمام الأم الملهوفة على ابنها، فيما كان استقباله الوفاة على لسان عضو مجلس النواب، كفيلا بالقضاء تماما على تماسك الأب، صُدمت الأم بوفاة فلذة كبدها.
كان إبراهيم، الذي تخرج من كلية الحقوق، شابا طيبا، لكن لا يطيق الافتراء، ولا يفوت نجدة مظلوم، حتى لو عرضه ذلك للمشكلات، يعدد سعيد محاسن صديقه باكيا. كذا كانت أحلام صاحب الـ23 عاما بسيطة، فقط أن يسافر للعمل خارج مصر، بعد الانتهاء من خدمته العسكرية.
بالأمس، استلمت الأسرة جثمان "الشهيد"، من مستشفى الجلاء العسكري، صُلي على روحه بعد العشاء، ودُفن في حوالي التاسعة مساء، وسط حراسة قوات الجيش، وحضور المئات من أهالي حي المطرية. يقول سعيد إن جنازته كانت مهيبة، كأنها "زفة إلى الجنة".
فيديو قد يعجبك: