في عيد ميلاده.. كيف يتفاعل المسنون مع فيسبوك؟
كتب- محمد زكريا:
من على كرسيه، ظل محمود دياب يتابع حفيده، باهتمام. طفل لم يكمل عامه الخامس عشر، يحمل هاتف ذكي، بينما يتطلع النظر إلى شاشته، يستمع لشخص ويراسل آخر، يضحك في ثواني، ويعود إليه صمته دقائق أخرى. قبل أن يُفاجئه الجد بالسؤال، عما يفعل بعيدا عنه؟ ليجيبه الصغير في ثقة: "فيسبوك". هنا أعاد العجوز حكاياته عن زمان مضى.
في مثل هذا اليوم، 4 نوفمبر، لكن قبل 15 عاما، انطلق موقع فيسبوك، الذي اقتصر في البداية على طلاب جامعة هارفارد الأمريكية، إلا أن أصبح أكبر شبكة اجتماعية في العالم، حيث سجل اعتبارا من أبريل 2018 ما يُقدر بنحو 2.2 مليار مستخدم نشط شهريا، من بينهم 1.4 مليار مستخدم نشط يوميا، كما تقول شركة فيسبوك.
لطيف عياد، واحد من المتفاعلين على فيسبوك في مصر، والذين يقدرون بـ35 مليون شخص، بينهم 22 مليون ذكر.
يوميا، يسجل صاحب الـ70 عاما دخوله على الموقع الأزرق، يستطلع منه الأخبار ويستقي المعلومات، يقول إن به من التنوع ما يفتقده في الوسائل التقليدية القديمة، بات وسيلته الرحبة للتعبير عن آراءه الشخصية، وأداته الأولى لمخاطبة زملائه وأقربائه. أصبح صديقه في سنوات يعاني فيها وحدة التقاعد.
يُثمن عياد ارتباط أحفاده بمواقع التواصل الاجتماعي، يُشجعهم عليه، ويحسدهم على ما حظوا به من تقدم تكنولوجي، لم يعاصره إلا أخيرا. يعتقد أن فيسبوك قادر على تنمية ذكائهم وتنمية معارفهم، لكن يؤمن العجوز، أنه كأي أداة في العالم، قادرة على جلب الضرر كما على جلب المنفعة، لذا ينصحهم بترشيد استخدامه.
لكن فوزية سيد انقطعت عنه تماما، بعد اختراقا تعرض لها حسابها. قبل 3 سنوات، سجلت صاحبة الـ69 عاما حسابا على فيسبوك، بات وسيلتها المثلى للتواصل مع ابنتها في أمريكا، كان نافذتها للتطلع إلى معارض فنية تدشنها الابنة هناك، كذا كان خيارها الأول للتخاطب مع أقاربها.
ورغم الضيق من استلام رسائل لغرباء، وعدم معرفتها الكثير عن سبل استخدامه، وتيهها بين صفحاته، إلا أنها ارتبطت به أشد الارتباط، تقول إنها ارتاحت له دونا عن غيره من وسائل الاتصال، فيما كان تَعرُض حسابها لاختراق، كفيلا بانتهاء الأمر بنصيحة وفعل ابنتها.
المشكلات الأمنية، اعترفت بها الشركة، نهاية العام الماضي، عندما قالت إن "نحو 50 مليونا من مستخدمي فيسبوك قد تُركوا عرضة لخلل أمني"، دون الإقرار بمدى إساءة استخدام تلك الحسابات أو الإعلان عمن يقف وراء الهجمات، لكنها اعتذرت عن ذلك، وشددت على إجراء تحقيق في الأمر.
لا تزال فوزية تتعلق في تدشين حساب، لكن خوف ابنتها من تكرار الاختراق، يقف حائلا أمام الأم، تقول ابنتها إنها أوهمتها أنه لم يعد جائزا إنشاء آخر، حتى أن الأم طلبت من مزود خدمة الإنترنت مساعدتها في ذلك، قبل أن يتفهم الأمر في النهاية.
قبل 50 عاما، كان دياب لا يزال شابا، نافذته إلى العالم تليفزيونا، كطفرة جاءت بعد الراديو، يقول إن التواصل كان وقتها حميميا، بعكس الآن، يصفه بالبارد، البعيد عن القلب، لم يعد الزمان كالزمان الذي عاشه كما يعبر، لذا لم يفكر الرجل العجوز في تدشين حساب على فيسبوك، ومبرره أنه "مش هناخد زمنا وزمن غيرنا".
فيديو قد يعجبك: