لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور- حدائق الحيوان تفتقد "هيلدا".. كرست حياتها لـ"الشمبانزي" بالعالم ومصر

01:32 م الثلاثاء 14 مايو 2019

هيلدا تيريز مع حيوان الشمبانزي

كتب-محمد مهدي:

داخل قفص الشمبانزي بحديقة حيوانات الجيزة، مكثت المجرية "هيلدا تيريز" لنحو 10 ساعات متواصلة، دون راحة أو التقاط أنفاس أو تناول أي شيء، يعلو وجهها ابتسامة بينما تداعب الشمبانزي، تربت بيدها على أكتافهم، تلعب معهم، تحاول خَلق مساحة من الود بينهم للتعرف على ما يعانوه نفسيًا وكيفية مساعدتهم على عيش حياة أفضل، جاءت من أمريكا 5 مرات قاطعة ألاف الأميال من أجلهم، قبل أن تغادر الحياة منذ أيام تاركة فراغًا كبيرًا في حياة عشرات الشمبانزي بحدائق دول عديدة بالعالم من بينها مصر.

صورة 1

في طفولتها، كانت "هيلدا"- خبيرة سلوكيات الحيوانات البرية بمؤسسة جون جودوول الأمريكية- تملك ولع خاص بحديقة حيوان بودابست، حيث تعيش حينذاك، حتى أنها ذهبت ذات يوم إلى مدير الحديقة تسأله عن وظيفة في المكان، لم يكترث الرجل بحديثها لكنها ألحت في طلبها بصورة دورية حتى وافق على تعينها فور تخرجها من المدرسة الثانوية "أعتقد أنه فعل ذلك فقط لإسكاتي من كثرة الطَلب"-كما صرحت في حوارات صحفية سابقة- سريعًا توطدت علاقتها بالحيوانات خلال عملها، تزداد خبرتها مع مرور السنوات حتى انتقلت مع زوجها إلى أمريكا للاعتناء بـ 85 شمبانزي بمؤسسة في أريزونا.

صورة 2

من هناك وجدت "هيلدا" شغفها الحقيقي، رغبتها في مساعدة الشمبانزي في كُل مكان، كونها حيوانات مُهددة بالانقراض، دفعها ذلك للانضمام إلى مؤسسة جون جودوول التطوعية، التي منحتها الفُرصة في السفر إلى حدائق حيوانات بمختلف دول العالم لمساعدة الشمبانزي. تقول دينا ذو الفقار الناشطة في حقوق الحيوان بمصر "تواصلت معاها في 2010 عشان تساعدنا، كان عندنا 10 شمبانزي وقتها وعايزين نعرف الطريقة الأفضل في التعامل معاهم" لم تتوانَ السيدة المجرية عن تلبية الطلب والحضور إلى مصر على عجالة.

حينما حضرت إلى القاهرة، شرعت في العمل بحماس "لما روحنا الحديقة، اشتغلت على طول إنها تتعرف على الشمبانزي ونفسيتهم" كان الاحتياج الأول هو تقسيمهم إلى مجموعات متألفة "لأن وجودهم في قفص انفرادي دا أسوأ شيء ليهم" جلست رفقتهم بالساعات، تُطعمهم بيدها، تتودد إليهم "بتعاملهم برقة، تجبلهم ألعاب، بتتكلم معاهم وعنهم كأنهم أولادها" يذكرها بتأثر الدكتور أسامة سليم، رئيس الخدمات البيطرية بوزارة الزراعة. في وقت قصير نجحت في توطيد علاقتها بالحيوانات "وعملنا مجموعتين فعلًا من الشمبانزي في حديقة حيوانات الجيزة، ومجموعة تانية في الإسكندرية" وفق دينا ذوالفقار.

صورة 3

الإخلاص للشمبانزي بدا واضحًا على "هيلدا" كونها تعمل متطوعة دون تقاضي أجر "كانت بتروح معايا أماكن غير حكومية ومش موجود في جدول أعمالها، عشان تنصح أصحاب الشمبانزي بتحسين الظروف المعيشية وإنقاذهم" ذهبن رفقة دينا إلى أكثر من مكان وتمكنا في مرات عديدة من إقناع مالكي الشمبانزي من تغيير نمط التعامل معهم، وعندما غادرت مصر في المرة الأولى حرصت على التواصل دائمًا بالمسؤولين والناشطين في حقوق الحيوان "تسأل على كُل شمبانزي بالاسم، وتقولنا على أي جديد وتبعتلنا نصايح طول الوقت".

"إنسانة عظيمة، عاشقة للشمبانزي وبتتعامل معاهم برفق واهتمام بالغ" يقولها الدكتور عمرو تمام، طبيب الحيوانات البرية بحديقة شرم الشيخ، التقى بها أثناء زياراتها لمصر "جات 5 مرات على مدار 7 سنين" شعر الرجل بقدرتها الفائقة على التواصل مع الشمبانزي "هما بيحسوا بالشخص اللي بيحبهم وبيعاملوه بالمثل" خلال تواجدها تهتم بنقل خبراتها إلى الأطباء البيطريين والقائمين على شؤون الحيوانات والشمبانزي بالمكان "ومش ناسي موقفها من الشمبانزي (موزة)" أُصيبت بورم في صدرها وتم نقلها من حديقة الحيوانات بشرم الشيخ إلى الجيزة "كانت حالتها النفسية سيئة وهي أصرت تيجي تشوفها" تحكي دينا ذو الفقار قدوم السيدة المجرية خصيصا لموزة "كانت بتوعي إن الشمبانزي زيه زي البني آدم، ومينفعش نعزلها عشان مريضة، وبقى معاها شمبانزي تاني وحالتها اتحسنت" تطمئن عليهم أولًا قبل الرحيل.

صورة 4

لا تمكث "هيلدا" كثيرًا مع زوجها وابنها في أريزونا، جولاتها لا تتوقف لإنقاذ الشمبانزي، تنطلق لحدائق حيوان عدة في العالم منها الإمارات والهند والمكسيك والأرجنتين والصين بجانب مصر، في كُل مرة تحضر لسبب جديد فضلًا عن متابعة أحوال المجموعات التي نفذتها بين الشمبانزي " مرة عشان (مشمش) كان عنده حالة هياج وبيدعك في جزء من جسمه بدون سبب مرضي" اكتشفت أسباب نفسية وراء فعلته، عالجته لأيام حتى تعافى في نهاية الأمر، وسط سعادة بالغة منها "الحيوان كان بيفرح في وجودها، بيبان في سلامه عليها أو تلاقيه بيرقص".

منذ 7 أشهر كانت الزيارة الأخيرة لعاشقة الشمبانزي إلى مصر، انشغلت بحالة "جوليا" التي تم مصادرتها في حالة يرثى لها داخل قفص في محل بمصر الجديدة. يؤكد الدكتور محمد رجائي، مدير حديقة الحيوان بالجيزة، اهتمام الأطباء البيطريين بالحالة حتى صارت أفضل "بس كنا محتاجين نتعامل معاها نفسيًا وهنا كان دور هيلدا" أدلت بنصائح هامة فيما يخص "جوليا" منها وضعها في قفص جديد مع ذكر من الشمبانزي "هي اختارته، وقالت إزاي يعيشوا مع بعض من غير صراع" بجانب ذلك ذهبت إلى السيرك القومي للاطمئنان على حالة الحيوانات في الأسر.

صورة 5

لم تكتفِ "هيلدا" فقط بدورها تجاه الشمبانزي، في السنوات الأخيرة بات لها اهتمام بعدد آخر من الحيوانات الأخرى من بينها الأفيال "كنا بناخد نصايحها بجدية، نفذنا طلبها بإنه بلاش الفيل يقف على أرض صلبة، ويأكل من مكان عالي عشان صحته تبقى أفضل" وفق مدير الحديقة، كما مررت خبراتها فيما يخص الدببة وإنسان الغاب وكافة الأنواع المعرضة للأنقراض "الميزة عندها هو إنها بتمتلك العلم والخبرة وحُب الحيوانات".

عاشت "هيلدا" على مدار عقود لا تفعل شيء سوى محاولة الحفاظ على حياة الشمبانزي والحيوانات المنقرضة، منحت ما تملكه من علم ومعرفة وجهد حتى تتحسن معيشتهم "نتمنى إن اللي زرعته في مصر، واللي علمته للناس وهي هنا يفضل موجود، ونكمل من بعدها ميراثها مع الشمبانزي" يشهد بذلك كل من التقى بها في مصر ودول العالم، الذين ملئوا صفحتها على "فيسبوك" بكلمات العزاء، فيما يستعيدون تدوينتها بداية العام الحالي عن نفسها "لقد فكرت في كل العمل الذي أنجزته ، وكل النجاحات والخيبات، وكل سوء معاملة الحيوانات التي شاهدتها والصور التي لا أستطيع رؤيتها، وعملياتي وكل الألم الذي كان علي تحمله، مع ذلك واصلت العمل بسبب كل الأشخاص الذين وقفوا بجانبي، ساعدوني، دفعوني للأمام، وعاملوني كعاقلة".

صورة 6

صورة 0

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان