لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد عرض "النهاية" و"أم هارون".. هل تؤثر الدراما على القضية الفلسطينية؟

05:46 م الإثنين 18 مايو 2020

فلسطين

كتبت-إشراق أحمد:

٧٢ عاما انقضت على الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. زخم أحداث شهدها العالم طيلة تلك العقود، لكن القضية الفلسطينية لم تغب. يتحرك مؤشر الاهتمام بها خارج حدودها بين الخفوت والذروة ولا تُنسى، وفي شهر رمضان هذا العام ورغم ما يعايشه جموع البشر جراء فيروس كورونا المستجد (كوفيد١٩) إلا أن ذكر فلسطين كان حاضرًا، أطل على الشاشات هذه المرة بين الأعمال الدرامية.

ثلاثة مسلسلات شهده موسم الدراما في شهر رمضان يمس اسم فلسطين؛ النهاية، أم هارون، وحارس القدس، حظي المسلسل المصري بالدعم خاصة بعد خروج بيانات إسرائيلية تحتج لما جاء فيه من حديث عن تحرير القدس، بينما نال العمل الخليجي الكثير من الجدل، وغضب العديد من الفلسطينيين، أما العمل السوري المتناول لسيرة المطران إيلاريون كابوتشي ودوره في دعم القضية الفلسطينية جاء الحديث عنه هادئًا.

https://www.youtube.com/watch?v=ijqf39ZtGBA

رائد الشيوخي هو ممثل مسرحي منذ التسعينيات يحرص على مطالعة الأعمال الفنية خاصة التي تمس فلسطين. اعتاد ابن مدينة الخليل السجال الدائر حول ما يقدم، يؤمن الشيوخي بحرية انتقاد الجمهور المتلقي لأي عمل فني، يعلم أن التمثيل ما هو إلا أداء أدوار وتوصيل رسالة، لكن فيما يتعلق بفلسطين، فإنه يرفض بشدة أي محتوى "يلمع صورة الإسرائيلين ويحكي أن التعايش معهم شيء صحي".

يسكن الشيوخي في أكثر المناطق اشتباكًا مع الاحتلال لتوغل المستوطنين في القلب بين منازل الفلسطينيين، يعايش أفعالهم يوميًا "أحنا بنعرف اليهود كويس أوي"، لهذا يرى أن خطر تأثير العمل الدرامي في رؤية القائمين عليه "هم ينظرون له أنه دراما لا أكثر لكن إسرائيل لا تراه بهذه النظرة. بالنسبة لهم طالما أصبح هناك تقبل لمسلسل عربي يظهر اليهودي على أنه إنسان عادي بل ومضطهد فهذا معناه تقبل لوجود دولة إسرائيل في الشرق الأوسط".

الأول من مايو، نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي صورة لمسلسل النهاية، معلقًا "الذي يغضب من كلمة التطبيع فهو فاقد البوصلة ضعيف الإرادة"، بينما قبلها وتحديدًا يوم 27 إبريل، علق على الرافضين لعرض مسلسل "أم هارون" واصفًا الانتقادات بـ"كراهية لليهود،" وأن إسرائيل "هي الضامن الوحيد ألا يستطيع مطلقي هذه الشعارات تحقيق أحلامهم القبيحة أبدًا".

0

0

يقول ناجي الناجي، المستشار الثقافي لسفارة الفلسطينية في مصر، إن الأعمال الفنية والثقافية بشكل عام تؤثر في جانبين، أولهما مقدار وقوف الشعوب إلى جانب قضايا الحق في العالم، وأما الثاني فترسيخ الصورة النمطية عن قضايا معينة في مجتمعاتنا، وهو ما يعرف بـ"الدبلوماسية الناعمة" التي وصفها بأنها من المحركات الرئيسية للشعوب، ولهذا حين يقدم عمل فني أو درامي يُنظر إليه بحرص كما يقول الناجي، ليس لكونه عملاً ترفيهيًا أو ترفًا إنما باعتباره نوع من الإرشاد والتوعية وتسليط الضوء عل القضايا المصيرية حسب تعبيره.

أثار مسلسل "أم هارون" جدل كبير واتهام بالتطبيع مع إسرائيل، خاصة وأن الفترة الزمنية التي يتناولها العمل بالتزامن مع عام 1948، وما يعرف بـ"فترة النكبة"، بإعلان الاحتلال لدولته على أرض فلسطين، فيما يخرج المسلسل يسرد حياة سيدة يهودية اعتنقت الإسلام، وكيفية تعايش الأسر اليهودية في الكويت خلال هذه الفترة.

ونفت مجموعة قنوات Mbc التي تعرض مسلسل أم هارون أن يكون العمل الدرامي ميلاً إلى "التطبيع"، بينما أكد وزير الإعلام الكويتي رفض الكويت للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ووقوف بلده مع الحق الفلسطيني، معتبرًا أنه موقف شعبي وحكومي، وذلك على خلفية إذاعة مسلسل "أم هارون"، كذلك أعلن اتحاد المنتجين العرب أي عمل يحس على تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي

في المقابل، تلقف البعض المسلسل وخصص الحديث عما جاء فيه من تفاصيل عن طقوس اليهود وبات يفصلها مثلما فعل أحدهم ببرنامج على موقع اليوتيوب تحت اسم "اسأل الحاجام".

أما "النهاية" فصرح مخرج العمل ياسر سامي إن "المسلسل يحكي عن حلم عربي نؤمن ونحلم به"، وتصدر اسم العمل الدرامي المصري "تويتر" بعد عرض الحلقة الأولى له.

3

تابع الشيوخي كممثل ومواطن يحيا على أرض فلسطين ما شهدته الساحة الإلكترونية، يجد السبيل هو إنتاج عمل ينصر الحق الفلسطيني أمام كل عمل يشوبه الميل إلى إغفال ذلك الحق، فيما خلص إلى رفض التلميح إلى الأعمال المضادة "الحكي عنها بيشهرها وبيصير عند الناس فضول أنها تتفرج للتأكد أن الحكي صحيح"، كما حدث معه ومع لينا أبو جرادة.

لا تحرص لينا على متابعة مسلسلات رمضان، لكن الفضول دفعها لمشاهدة عدد من المقاطع من مسلسل "أم هارون". فعلت الفلسطينية المقيمة في الأردن ذلك بعدما رأت العديد من المنشورات تتحدث عنه، شعرت بـ"الاستفزاز" كما وصفت، للتعامل مع فلسطين أنها "قضية الفلسطينيين بس".

قبل الجدل ودعوات المقاطعة لمسلسل "أم هارون"، قررت أبو جرادة الامتناع عن مشاهدة القناة التي تعرض العمل الدرامي، كذلك تفعل الشابة الفلسطينية مع كل ما تجده يسيء لموطنها "إذا في ممثل أو مغني كان إله موقف مطبع دغري ببطل احضر لهم"، تعتبر هذا إحدى وسائل مقاومتها وما بيدها إزاء الوطن الذي حرمت منه حال الكثير من أبناء المهجرين منذ عام 1948.

ترى أبو جرادة أن الأعمال الفنية شيء مهم للحديث عن فلسطين، تؤمن أنه "مهما صار في عدد من المسلسلات اللي بتحاول تعترف باسرائيل، بنفس القوة راح يكون في ناس بتقرأ عن القضية وبتدافع عنها".

في القاهرة، بعدما ساد الجدل الدرامي، قامت سفارة فلسطين بنشر عدد من المقاطع المصورة مع الفنانين المصريين الداعمين للقضية الفلسطينية. يقول المستشار الثقافي للسفارة، إن ما يكتب لتأثير الدراما والثقافة في المجتمعات قد يكون أكثر مما يُكتب لمسؤول سياسي، لما لها من دور بالغ في مس أفئدة القلوب وإيصال القناعات وإجلاء الحقيقة أمام عيون الناس، مُشيرًا إلى أن هناك تاريخ ممتد للأعمال والمواقف الفنية التي تساند الحق الفلسطيني.

يذكر الناجي أعمال الفنان الراحل نور الشريف من مصر "مسرحية لن تسقط القدس، ناجي العلي"، وكذلك موقف الراحلة نادية لطفي حينما انضمت إلى وفد فني وثقافي لكسر الحصار الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي على الفدائيين الفلسطينيين في بيروت عام 1982، ولا ينسى بعض الأعمال التي شهدت ضجة مثل مسلسل "فارس بلا جواد"، والعمل الفلسطيني السوري "التغريبة" والمسلسل الفلسطيني "الاجتياح".

وعن الجدال الذي دار حول الأعمال الدرامية هذا العام يعلق الناجي "كل ما قيل ويقال في التطبيع بالدراما لن يؤثر على الشعوب العربية. فلسطين تسكن قلوب كل حر"، ويضيف أن دور النخب العربية تسليط الضوء على النماذج المشرفة "ونضل ماسكين إيدين أشقائنا العرب حتى لا يروحوا لهذه المنزلقات التي لا تخدم أحد إلا الاحتلال".

يرى المستشار الثقافي لسفارة فلسطين أن المبدعين أصبحوا في الصفوف الأولى لمعركة الوعي، مُتوقعًا أن تشهد الفترة والأعوام المقبلة أعمال تتناول القضية الفلسطينية، فيما يتفق الشيوخي وأبو جرادة على أن الأعمال الفنية لا تخلق واقع لكن بإمكانها التأثير عليه، يعايش الرجل الخمسيني الاحتلال في تفاصيل اليومية، يعلم مكرهم ولا يأمنه، بينما تواصل الشابة الفلسطينية القراءة عن وطنها وحمل تفاصيله في قلبها، معتبرة أن الفلسطينيين يقاومون بمعزل عن العالم العربي منذ السبعينيات، لكن لا يغادرها اليقين بأن "أحنا بس لو كعرب ومسلمين رجعنا لأصل أسباب تمسكنا بفلسطين وقتها بيصير في أمل تتحرر".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان