إعلان

"لأن الذاكرة هي المعركة".. فلسطيني يحكي عن تاريخ القرى المُهجرة في "30 حلقة"

10:43 م الأحد 03 مايو 2020

بودكاست

كتبت-رنا الجميعي:

تشرّب حُب فلسطين منذ الصغر، كانت هناك حاضرة في مدرسته بالأردن مُغنيًا مع رفاقه في طابور الصباح نشيدها الوطني "موطني"، وداخل الصف تلقّى الدروس عن تاريخ فلسطين، ولأنه بالأساس مولود لأبوين فلسطينيين عاشا سنوات بعد التهجير في الأردن، فقد توزعت فلسطين بين أركان المنزل، لتُصبح حاضرة بكل كيانها، فيكبر الصغير حاملًا فلسطين داخل قلبه، وما إن واتته الفُرصة حتى قرر أحمد المحروق أن يكون واحدًا ممن يحفظون ذاكرتها، حيث قام بالحكي عن قراها المهجرة عبر مشروعه الصوتي "بودكاست كنعاني".

1

منذ بداية شهر رمضان بدأ المحروق في نشر حلقات عن قرى فلسطين المهجرة، عبر صفحة البودكاست على موقع "الساوند كلاود"، وعبر صفحة فريق كنعان للثقافة والفنون الفلسطينية الموجودة في مصر، يقول المحروق إنه ما إن توفّر لديه الوقت بسبب أزمة فيروس الكورونا، وما تبعه من التزامه بالجلوس في المنزل، قرر بتنفيذ الفكرة، خاصة أنه قارئ جيد للمراجع التاريخية الفلسطينية، مثل "بلادنا فلسطين" لمصطفى الدباغ، و"كي لا ننسى" لوليد الخالدي.

كان المحروق مدفوعًا بشعوره بالمسئولية "اللي عم أحسّه إن الجيل الجديد ما عم يعرف كتير عن فلسطين"، فالمعركة مع اسرائيل أساسها الذاكرة "القصّة جزء لا يتجزأ من المقاومة لإثبات حق العودة"، تربّى الشاب الثلاثيني على وجود فلسطين بالإذاعات الأردنية "وكانوا يكرروا إن فلسطين كاملة من النهر للبحر"، ذلك التكرار ظلّ يتردد بداخل المحروق كلما قام بتسجيل حلقة عن قرى فلسطين التي باتت شغلته تلك الأيام.

السافرية، سلمة، إجزم، عين حوض وغيرها.. حوالي عشر قرى حتى الآن قام المحروق بحكي تاريخها، بدأ أولى الحلقات بقرية السافرية الواقعة بيافا لأنها قرية أجداده "اخترت بعض القرى بسبب ارتباط شخصي بي، أو لأن بعضها له قصة تستحق أن تروى"، في كل مرة يحكي فيها المحروق عن إحدى القرى يهتم بإبراز كيف كان حالها قديمًا، حتى لتظهر أمام عين المُستمع واضحة أمامه، كذلك فعل مع قرية السافرية "بأواخر القرن التاسع عشر كانت السافرية قرية مبنية بالطوب وكان شجر الزيتون مغروز بأراضيها، وكان فيها مدرستين".

وأيضًا فعل مع قرية عين الحوض، التي حولتها قوات الاحتلال إلى قرية للفنانين بسبب جمالها، ويصفها المحروق قائلًا "هي موجودة على السفح الغربي من جبل الكرمل، وتبعد عن شط البحر 5 كيلومتر، وبتطل على وادي الغنم من الجنوب، أما بشمالها موجود وادي البستان، هي يعني باختصار مناظر ولا أروع"، ما يُلفت الانتباه أن المحروق لم يزور فلسطين إلى الآن، ولم يرى تلك القرى بعينيه، ولم يحكي له أحد عنها "بس كنت بقرأ بالمراجع وأحوّل الكلام للهجة محكية"، فيظبط بأدائه الصوتي وإحساسه تلك القرى كأنها تمثّلت أمامه حية.

حوالي 530 قرية تم تهجيرها من فلسطين في العام 1948، لكن كان على المحروق اختيار 30 قرية فقط للموسم الرمضاني، لذا قرر المحروق بالبدء من قرية أجداده في يافا، أي في وسط الساحل الفلسطيني، ومنه ينتقل إلى حيفا "حيث أن جدي لأمي من قرية إجزم"، وبعدها يذهب إلى الحدود الشمالية الغربية مع لبنان، ثم شرقًا إلى الصفد وطبريا، ومن هناك إلى بيسان ثم الناصرة مدينة المسيح، وبعدها إلى غزة مرورًا بجنين، طولكرم، اللد، والرملة وعسقلان "وذلك لتغطية أكبر قدر ممكن من القرى المهجرة".

كانت الحلقة الأولى من "بودكاست كنعاني" مهداة إلى روح عمّه، الذي كان له فضل كبير عليه بتعريفه بفلسطين "كان يحكيلنا قصص شعبية من التراث، ويخبرنا عن وقت دراسته وكيف لما كانوا بيشتغلوا بالأرض"، تلك الحكايات التي غرست لفلسطين مكانًا ثابتًا بقلب المحروق "عمي الله يرحمه كان يحلم بالعودة دومًا، ولم يحب أرضًا كما أحب فلسطين"، لكنه ظل طيلة حياته بالأردن بسبب التهجير.

الإيمان بالعودة هو يقين لدى المحروق، يصحو به كل يوم، ولا يتزعزع، بانتهاء الموسم الأول من "بودكاست كنعاني" الذي يسميه "صوت القرى المهجرة"، لن ينتهي سعي المحروق بعمل حلقات جديدة عن فلسطين، فيدور داخل عقله عدد من الأفكار "بفكر إنه المواسم التانية هتكون عن قرى السبعة وستين، الواقعة في الضفة الغربية، هي مش قرى مهجرة لكن الضفة بها كتير من المستوطنات"، كذلك يُفكّر المحروق بالتوسع أكثر إذا تمكن من ذلك "ممكن أعمل مقابلات مع الفلسطينيين اللاجئين بالمخيمات فوضعهم كتير سيء"، وفي كل فكرة تبرز داخل عقل المحروق يظهر صوت الشاعر الفلسطيني محمود درويش مُرددًا "هذا البحر لي.. هذا الهواء الرطب لي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان