نصف ساعة أسفل الطاولة.. قصة لبنانية ووالدتها تحت رحمة انفجار بيروت
كتبت-دعاء الفولي:
آخر ما تذكره نانسي عبدال وجه أمها المفزوع. قبل غروب شمس الأمس، سمعت صاحبة العشرين عاما صوت يُشبه الطيران الكثيف، انبطحت أرضًا، وصلتها أصوات صراخ الناس في الشارع، هدأ الضجيج لثوانٍ معدودة، همّت نانسي لتخرج إلى الشرفة وترى ما يحدث، قبل أن يدوي صوت الانفجار الضخم ببيروت، ويكسر نوافذ منزلها، ويُصيب والدتها وأخيها.
اُعلنت العاصمة اللبنانية أمس مدينة منكوبة، بعد انفجار ضخم وقع بالمرفأ، أسفر عن مقتل ما يزيد عن 100 شخص وجرح 4000 آخرين.
تقطن نانسي بمنطقة الكرنتينا "تبعد عن مكان الانفجار خمس دقائق". حين وقع الأمر زحفت الشابة وأمها لمنضدة الطعام في المنزل "ضلينا تحتها نصف ساعة لحتى الدنيا تهدى"، كانت تحذيرات المواطنين في الشارع تأتيها داخل المنزل "ما حدا يخرج من بيته.. ضلوا متخبيين لحتى يخلص كل هاد"، حاولت الشابة الحفاظ على رباطة جأشها، لكن خوفها على شقيقها دمّر أعصابها "كان قريب من مكان الانفجار كتير".
خلال اختباء نانسي ووالدتها، حاولت الشابة مرارًا الاتصال بشقيقها "ما فيه شبكات والكهرباء قطعت"، كادت أن تفقد صبرها، فيما كانت والدتها على شفا الانهيار "ضلتني حاضناها.. خفت تروح مني"، لكن الأم طمأنتها "فضلت تقلي ما تبكي نحن بحماية رب العالمين"، لم تتوقف نانسي عن محاولات الاطمئنان على أخيها الأكبر، وفي تلك الأثناء "انعاد لذاكرتي حرب تمّوز 2006.. صحيح كنت صغيرة بس فاكرة إنه التفاصيل بتشبه هاي الأيام".
فات الوقت ثقيلاً، هدأت نفس الشابة وأمها، ما أن خرجتا من أسفل الطاولة "اكتشفت إنه إمي اتصابت بضهرها من الزجاج"، بدأت رحلة أخرى من القلق "بدق لأخوي ما بيرد وإمي حالتها بتسوء"، في تلك اللحظة قررت نانسي اصطحاب الوالدة إلى أقرب مستشفى "لما روحنا اكتشفنا إنه ما بيستقبلوا حدا من كتر الأعداد"، لُحسن الحظ كان مستوصف طبي صغير آخر يستقبل حالات "طلعنا عليه وعالجوها"، وعقب دقائق جاءها صوت أخيها يُطمئنها أنه مازال حي "بس إنصاب برجليه من الزُجاج"، خلال الساعة التالية عادت الأسرة للمنزل، ممتنين لكونهم أحياء، وبعدما زال أثر الصدمة، عدّدوا الخسائر المادية.
تدمّر زُجاج منزل أسرة نانسي بالكامل "حتى المرايات"، عرض عليها أصدقاؤها استضافة الأسرة لعدة أيام حتى هدوء الوضع في بيروت "بعضهم من الضيعات وبعضهم من أماكن قريبة"، لكن الشابة رفضت، حاولت التماسك ولملمة مخلفات الانفجار، ظلت تقول لنفسها إن "مشهد سقوط القزاز مجرد مشهد بسيط وإنه مصيبتنا هيّنة لكن سقوط الشهداء كان أعظم وأضخم بكتير.. الله لا يمرق ياللي حصل على عدو".
فيديو قد يعجبك: