استراحة تحولت لنكبة.. "باولا" خسرت منزلها الجديد في انفجار بيروت
كتبت- هبة خميس:
قبل أيام قليلة اتخذت باولا ريبيز منزلاً جديداً ،كان فرصة جيدة بالنسبة لها لأن الشقة بأكملها تقع بمنطقة الأشرفية التي تطل على البحر، والمميز بتلك الشقة بالنسبة لها كان مشهد البحر والميناء الذي تطل عليه جميع الغرف. قضت باولا تلك الأيام القليلة في ترتيب منزلها الجديد وإفراغ الصناديق التي تشغل مساحة المنزل، لكن مع صبيحة الرابع من أغسطس قررت باولا أخذ راحة قصيرة من مهامها الخاصة بترتيب المنزل؛ فتحت التلفاز للاسترخاء وسط قططها وكلابها فلفت انتباهها صوت أِشبه بصوت الطيارات على نحو قريب للغاية من منزلها، فتحت نافذتها لتتفقد الأجواء مع مشهد أخير لنافذة الجيران تنخلع من إطارها.
هزة شديدة الرعب شعرت بها باولا، ترج المنزل والأسقف وتدمر النوافذ، في ذلك الوقت لم تفكر كثيراً في نفسها، خافت على حيواناتها الأليفة، نادت على الكلاب فاستجابت لها، لكن القطط لم تظهر لها، ظلت تنادي عليهم بلا استجابة.
بعد قليل أزاحت باولا الزجاج والركام من منزلها لتجد قططها ترتجف من الرعب، لكن قطاً واحداً ظل مفقوداً تعلم أنه يفضل النوم على النافذة. رعبها على قطها الأصم الذي أنقذته منذ سنوات من على شجرة في وسط المدينة كان شديداً،لكنه بعد وقت طويل اكتشفه الجيران على درج البناية "هو أتعود ينام عالشباك وأما حدث الإنفجار انقلع الشباك من مكانه ووقع به في الشارع ".
ساعات طويلة مرت كالدهر على باولا التي بعدما اطمأنت على حيواناتها الأليفة تفقدت بيوت جيرانها تطمئن عليهم لأن معظمهم كبار في السن، وفي الشارع كان المشهد مرعباً فأثناء الانفجار وقعت نافذة على شاب بالشارع فأردته قتيلاً في الحال. التراب الشديد وصوت سارينة الإسعاف لم ينقطع حتى العاشرة مساءاً بلا كهرباء ولا مياه ويؤطر المشهد الصراخ المتعالي يخلع قلبها كلما تسمعه.
بعد قليل وصل صديق لها يستضيفها ببيته في منطقة الجبل بعيداً عن منطقة الانفجار، وفي الطريق شاهدت الدمار والرعب الذي خلفه الانفجار، بيوت متهدمة وركام يغرق الشوارع وسيارات خربة والمزيد من الإسعاف و الشباب يساعدون الجرحي والمتضررين والصراخ المتعالي الذي لا يتوقف.
ثلاثون عاماً قضتها باولا في فرنسا قبل رجوعها للاستقرار في بلدها لكنها تركت هناك أهلها ومعارفها يحاولون الاطمئنان عليها بكل الطرق وحثها على الرجوع إلى فرنسا بينهم، تلك الليلة قضتها باولا في الاطمئنان على معارفها واحداً واحداً "وللأسف اتوفت بنت كنت بعرفها وفيه من الأصدقاء كتير جرحي بس الحمد لله إصاباتهم خفيفة " .
حاولت باولا النوم بعدما تفقدت الأصدقاء المقيمين بالقرب من المرفأ والذين لحسن حظهم لم يكونوا في بيوتهم التي دمرت بالكامل، وفي الصباح قررت العودة لبيتها تتفقد الدمار الذي حدث به وتحاول المساعدة وإغاثة الناس والمتضررين في الحي كله.
فيديو قد يعجبك: