إعلان

حصلتُ على فرصة ثانية.. كيف صنعت "فوندا" من محاولة انتحارها طوق نجاة لآخرين؟

02:59 م الأربعاء 30 سبتمبر 2020

فوندا براينت تساعد الآخرين للتعامل مع الافكار الان

كتبت-دعاء الفولي:

حينما اتصلت "فوندا براينت" بعمّتها "كيلي"، لم يبدُ صوتها حزينًا، قالت لها شيئًا واحدًا "يمكنك الحصول على حذائي المفضل"، أدركت "كيلي" أن "فوندا" ستؤذي نفسها، ذهبت لمنزلها، اصطحبتها للمستشفى ولم تتركها، تذمّرت الشابة وقتها من المساعدة، لكنها حصلت عليها رغما عنها، والآن بعد 25 عاما، تُدرك "فوندا" أن ذلك أفضل ما حدث لها.

كانت فوندا، التي تعيش بمدينة "تشارلوت" في ولاية كارولينا الشمالية الأمريكية، أتمت الخامسة والثلاثين من عمرها حين حاولت الانتحار للمرة الثانية. عانت لسنوات من اكتئاب شديد، فيما كان طلب المساعدة عام 1995 داخل محيطها أمرًا يجلب العار "عليكِ فقط أن تصلي كي يذهب عنك الألم"، غير أن "فوندا" اتخذت طريقًا مختلفًا؛ مكثت في المستشفى لفترة، وحينما استفاقت من الأزمة نذرت حياتها لمساعدة من مروا بطريق الاكتئاب أو الاضطرابات الأخرى، من حاولوا الانتحار أو فكروا فيه، باتت رائدة في مجتمع الوقاية النفسية، يعرفها كثيرون ممن أخذت بأيديهم من الظلام للنور.

لم يكن طريق صاحبة الـ60 عامًا يسيرًا، تروي في حوارها لمصراوي، كيف استهلكها الاكتئاب لسنوات "دون أن أدري ماذا بي"، ورغم صدمة تشخيصها به ومعرفتها أنه قد يرافقها على هيئة موجات طوال حياتها "لكني على الأقل تعلمت كيف أتعامل معه وأتغلب عليه أحيانًا كثيرة". تتذكر "فوندا" المرات الأولى لذهابها للعلاج "سألتني الطبيبة من أهم شخص بالنسبة لك فكانت الإجابة هو ابني، فقالت لي إنها إجابة خاطئة"، علمتها أن الاعتناء بنفسها أولاً يساعدها على الاهتمام بالآخرين، ظنت وقتها أن مساعدتها للآخرين تبدأ بعد تعافيها وخروجها من المستشفى "لكن الحقيقة أن مساعدة الناس دعمتني في طريق العلاج".

منذ اللحظة الأولى، قررت "فوندا" أن تتجهز للرحلة جيدا "لا يكفي الحديث المعسول والتربيت على الكتف، المعرفة قد تجعل أحدهم ينقذ شخص من الانتحار"، حصلت السيدة على ورش عمل، تطوعت في أماكن عديدة منها المؤسسة الأمريكية للوقاية من الانتحار والتحالف الوطني للصحة النفسية بمدينة "تشارلوت"، قبل أن تحصل على برنامج تعليمي لـ"حراس البوابة"، وهم أشخاص مُدربون للتعامل مع من لديهم ميول انتحارية، يستطيعون إلقاء الأسئلة المناسبة لتقييم حالة الشخص وكيفية الحصول على المساعدة بأسرع طريقة دون الحكم عليه، وهؤلاء يمثلون أي شخص مسئول "الأب والأم، المدرسون، الأطباء، مدربو الرياضة، رجال الشرطة وغيرهم".

حينما حصلت "فوندا" على التدريب، أرادت نقله لبيئتها المحيطة، استقطب تدريبها الألاف "خلال ساعة ونصف نعلم الناس كيف ينقذون شخصا.. ألا يبدو ذلك أمرًا جيدًا في ظل حالات الانتحار الموجودة حولنا؟" إذ بلغت محاولات الانتحار في الولايات المتحدة الأمريكية مليون ونصف مرة خلال 2018 فقط، فيما انتحر خلال تلك السنة أكثر من 47 ألف شخصًا.

انتقت السيدة الأمريكية إحدى ساحات السيارات الضخمة في مدينتها لإعطاء الورش المجانية وتوعية الناس، فيما لم يقع اختيارها على المكان من فراغ؛ خلال ستة أعوام انتحر 4 أشخاص فيه، لذا وضعت لافتات تحفيزية في أرجائه، وعلى الطريق السريع القريب منه.

رأت السيدة الكثير في مسيرتها، كل مرة تساعد أحدهم تمتن لما مرت به "لولا الاكتئاب لما حاولت المقاومة وأحيانا تختلط لدي مشاعر الفخر بالحزن، فلو أني وجدت قبل التفكير في الانتحار من يساعد لما وصلت لتلك الحالة"، ذلك ما تحاول فعله، تستشف ميول الانتحار لدى البعض دون البوح بها، وتقتنص الفرصة للإنقاذ؛ تحكي عن لاعب كرة في إحدى الجامعات كان زميلا لابنها، اعتاد أن يكتب عن أزمة مقتل الأمريكية "جورج فلويد"، لم يذكر الشاب شيئا واضحا عن الانتحار "لكنه كتب أنه تلقى تهديدات بسبب مساندته للقضية"، فيما بعد تواصلت "فوندا" معه، وعقب اللقاء الأول بأسبوعين أخبرها أنه كان يخطط للانتحار في تلك الفترة بالفعل.

4

لم تترك "فوندا" مكانا إلا وتطوعت فيه، بين الجهات المختصة، مرورا بالشوارع والحدائق والجامعات وملاعب الكرة إذا لزم الأمر، فضلا عن تنظيم ماراثون للمشي بشكل دوري لأجل ضحايا الانتحار، بينما تكتب دوريا في صحيفة "تشارلوت أوبزرفر"، بين تلك الأماكن لا توجه السيدة حديثها لمن لديهم ميول انتحارية فقط، بل للأسرة أيضا، تخبرهم أن التفاصيل الصغيرة تحدث فرقًا "كأن يحضر أحدهم التدريبات ويحصل على بضع أساور مما صنعناها للتوعية ويوزعها على أصدقائه"، توصي العائلات أن يتفهموا طبيعة المرض "وأن يقرأوا عنه أكثر، يتحلوا بالصبر والثقة أن كل شيء يمر".

5 (2)

تنظر "فوندا" للوراء أحيانًا، تدرك كم هي محظوظة لوجود العمة "كيلي"، ابنها وحفيدها، تمتن لأبسط الأشياء كممارسة الرياضة والخروج، تدرك جيدًا نقاط ضعفها وما يحفزها على الحياة، تعرف أن ربما لها مع الاكتئاب جولات أخرى، لكنها تستمر في تقديم الدعم والمشورة، وتطلب المساعدة إذا احتاجتها.

تابع موضوعات الملف:

"لن تذهب دموعنا سدى".. أمهات سنغافورة يحاربن الانتحار الذي سرق الأبناء

1 (2)

30 عاما من الاختباء.. أمريكية توثق حياة عائلتها بفيلم بعد انتحار الأم

2

"الصحة العالمية": 800 ألف شخص ينتحرون سنويًّا وكورونا غيّرَ خريطة الصحة النفسية عالميًّا (حوار)

3

"لا تشعروا بالخزي".. صحفية هندية تساعد من لديهم ميول انتحارية

5

فراق الأحبة مُر.. كيف ساندت أمريكيتان أهالي المنتحرين؟

6

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان