ربت أبناء شقيقتها.. حكاية "صالحة" الأم المثالية البديلة الأولى في مصر
كتبت- مروة محيي الدين:
حالة من الفرحة سيطرت على قلوب أبناء صالحة مرعي، فور استقبالهم نبأ حصولها على لقب الأم المثالية البديلة الأولى على الجمهورية "كأني طلعت الأولى على الثانوية العامة" كما تقول السيدة الخمسينية لمصراوي.
قبل نحو سبعة وعشرون عامًا، رحلت شقيقة السيدة صالحة، بعد معاناة مع السرطان استمرت سنتين، تركت طفلين في المرحلة الابتدائية. مرّت أشهر على الوفاة، تزوجت من والدهما الذي يقربها – ابن عمها – لتكمل مشوار تربيتهما وتعوضهما عن فقدان الأم.
بعد مرور فترة على الزواج أنجبت آية من ذوي القدرات الخاصة، لكن لم ينسيها قدوم مولود جديد إلى المنزل أبناء شقيقتها "زودت عندي الحب ليهم" كانت تحرص على راحتهما بكل الطرق.
واظبت صالحة على تقسيم الوقت بين الأبناء، في الصباح تأخذ محمد وبسمة إلى المدرسة، في منتصف اليوم تذهب مع آية للطبيب المختص بحالتها، والمساء مُخصص لمذاكرة دروسهم.
اعتادت السيدة الخمسينية على تلقي طلب محمد وبسمة لحلوى كانت تعدها والدتهما صباحًا، فيما كانت صالحة لم تعرف طريقة صُنعها، فتستعين بإحدى صديقتها لتخبرها كيفية عملها "مكنتش أقدر أقولهم معرفش أعملها، وييجوا من المدرسة يلاقوني عاملاها".
كانت صالحة تتردد على المدرسة باستمرار لتتابع مستوى محمد الدراسي "هل في مشكلة، عاوزة أعرف انتظامه في المدرسة"، في الثانوية العامة، كانت تحث محمد على المذاكرة رغم مرضه "أحط راسه على رجلي واشرح له، لو نايم أصحيه".
كوّنت الأم البديلة علاقة صداقة متينة بينها ومحمد "لو عايز يروح مشوار مع صحابه يقولي ميقولش لباباه" تضاعف الحِمل على صالحة بعد أن غزت الأمراض زوجها، لكن ذلك لم يعقها عن استكمال رحلتها "كنت الصبح بيه في المستشفى، أراعي ولادي في الدراسة، وبالليل أودي آية العلاج الطبيعي".
قضت صالحة تسع سنوات على هذا الحال إلى أن استقر مثواه الأخير. واجهت صعوبات كثيرة بالنسبة إلى ابنتها آية، ساعدتها على تجاوزها "تنمر، كنت بتعامل معاه، أنا بعمل تسريحات جميلة وأجبلها اشيك لبس، أما تسألني هم بيبصولي كدا ليه أقولها عشان عاملالك تسريحة حلوة".
دائمًا كانت صالحة تمنحها الثقة بالنفس حتى صارت لا تهتم لآراء الآخرين، قبل ذلك، اكتشفت موهبة آية، صاحبة الـ 24 ربيعًا، في رياضة رفع الأثقال، اتجهت لاستشارة الطبيب المختص، نصحها بأن تنضم إلى أحد الأندية الرياضية.
انطلقت موهبة الفتاة العشرينية من هذه الخطوة التي حوّلت حياتها حتى صارت بطلة محترفة في رفع الأثقال، شاركت في مسابقات دولية وعالمية بحسب والدتها لمصراوي، تُوجت بجوائز عدة، بفضل تشجيع واهتمام السيدة صالحة.
كان ضمن المواقف التي قابلتها عندما أُصيبت آية "الرباط الصليبي، قعدت سنة ونص، حبيت أمارس معاها موهبة الشعر عشان نفسيتها تتحسن"، فيما كانت تحضر برامج مخصصة لذوي الاحتياجات، لتجيد التعامل معها.
تسترجع الأم المثالية أصعب المراحل التي مرّت على الأبناء "في مرحلة المراهقة احتضنتهم، محمد كان بيكون عنده أسئلة أقولهم اسألوني على أي حاجة، نسيت إنهم ولاد أختي". شعرت بمعنى الأمومة معهما "من أول يوم قالوا ماما، عمرهم ما قالولي يا خالتو".
مرّت الذكريات، استعادت صالحة فترة مرض شقيقتها، آنذاك، كانت تذهب لتعتني بهما "اجيبهم من الحضانة، اعملهم الأكل والواجب لغاية أما توفت"، حينما تخبر شقيقتها بألا تقلق عليهما ترد "طول ما هم معاكي أنا مش قلقانة عليهم".
حينما رُزقت بآية، شعرت بأنها تحتاج إلى مجهود كبير، كانت تخشى على شعورهما "خوفت يكون همي مع آية"، لكنها لم تفرِق بين الأخوات "بقيت أقولهم دي أختكم لما تكبروا هتعلموها، أنا تعليمي متوسط، أنتم أعلى".
تتذكر صالحة، من مدينة السلام، فترة حملها بآية عندما سألها الطبيب "هي الطفلة الكام ليكي"، لتجيبه "أقوله الثالثة"، حتى علمت بعد ذلك "كان المفروض أولد قيصري بس لما عرفوا إني والدة مرتين أخروا الولادة"، خشية على شعور محمد وبسمة.
حافظت الأم البديلة على اهتمامات الطفلين منذ الصغر، تعوّدت أن تقتني الملابس لبسمة من نفس المحلات التي كانت تذهب إليها مع والدتها، واشترت لمحمد "أول ما طلع الأتاري جبته لابني عشان ميحتكش بأولاد الحارة".
ذات يوم اتجهت بسمة إلى قبر والدتها لتزورها، ولم تخبر أمها البديلة بالأمر خوفًا على شعورها، إلا أن صالحة شعرت وذهبت إلى هناك "قلبي حس ورحتلها قولتلها لازم نقرأ الفاتحة، لو هم نسيوا أفكرهم".
نجحت صالحة أن تكون أُمًا بديلة، أحبها الأبناء، في الثلاثينات، في كل عيد أم يستعدان لإحضار هدية لتعبر عن حُبهما "محمد كان يحوش لي وبسمة تستلف مني عشان تجبلي، وأكون فرحانة بأي حاجة".
منذ صغرها كانت تسمع عن الأمهات المثاليات، تتحمس إليهن، تفخر بإنجازاتهن، لم يخطر على ذهنها رغم كل ما قدمته أن تكون منهن "مفاجأة معجزة من ربنا"، وتحظى بلقب الأم المثالية، بعد عناء طال سنين.
فيديو قد يعجبك: