عم الرضيع الفلسطيني "علي دوابشة" يروي لمصراوي تفاصيل حرق المنزل
كتبت - دعاء الفولي:
كان الهدوء يصدحّ في شوارع قرية دوما بالثانية صباح أمس الجمعة، الزوجان سعد ورهام دوابشة ينامان في منزلهما بأحد الحارات، السيارة واقفة داخل المنزل البالغ مساحته 120 مترا، يوم آخر كاد يمر بسلام في شوارع مدينة نابلس الفلسطينية، لولا أن بعض المستوطنين ألقوا عبوتين مولوتوف داخل منزل الأسرة، كأحد سياسات العقاب التي تبناها مواطنو الاحتلال، بعد أن ضمنوا الإفلات من العقاب من قبل سلطات إسرائيل. فر المجرمون واشتعل المنزل سريعا ومعه الطفل علي ذو الثمانية عشر شهرا، وهرب الأب والأم والطفل الأكبر أحمد بحروق بالغة في أجسادهم.
على مقربة من منزل الحادث يقطن يوسف الدوابشة، عم الطفلين علي وأحمد، بيوت العائلة في شارع واحد "لكن مفيش حدا فينا حس بحاجة حتى الأهل نفسهم تفاجئوا"، حين وقع الحادث كانت الأسرة قد نامت منذ نصف الساعة فقط، فقد كان اليوم التالي إجازة، سواء للأب العامل بالصناعة، أو الأم التي تعمل كمدرسة، وحتى إلقاء المولوتوف عن طريق النافذة، لم يسمع الجيران أي صوت.
صيحة الأم هي ما أيقظت الجيران، حين شعر الزوجان بالحريق هرعت الوالدة إلى حجرة الرضيع كي تخرج به، كان الدخان يملأ الأجواء، التنفس شبه مُحال، والرؤية غائمة، لذا حين وجدت كومة تُشبه ابنها حملتها وخرجت من الغرفة مُسرعة، لُتفاجأ أن المهد الذي بين يديها خاليا من الابن "صارت تصرخ بدها تدخل تاني لكن كان الوضع صعب جوة"، على حد قول يوسف.
في تلك اللحظة كان الابن أحمد ذو الأربع سنوات قد استطاع الخروج من الدار "لكنه كان واقف على الباب يطّلع على أبوه وأمه"، فبلغت حروق جسده 60%، إلى أن سحبه شباب المنطقة ناقلين إياه للمستشفى "أم علي مكنتش راضية تخرج عشان ابنها وسعد قدر يزحف لحد باب البيت برة والجيران أخذوه"، ثم بالكاد تبعته الزوجة للهواء الطلق، غير أن تأثير الحريق كان مأساويا، فقد حُبس الزوجان داخل المنزل عدة دقائق عقب الحريق ولم يستطع أحد المحيطين الدخول إلى المنزل.
يبلغ الأب 31 عاما، فيما عُمر الأم 27 عاما، اُصيب كل منهما بحروق تتعدى نسبتها الـ90% من الجسد، حسب يوسف، الذي أضاف أنهما يرقدان بمستشفى بئر السبع في حال خطرة.
قُتل مستوطن بمدينة رام الله على يد كتائب القسام في شهر رمضان الماضي، ما جعل يوسف يظن أن إحراق المنزل كان ردا على ذلك، لكنه ينفي في نفس الوقت أن تكون للأسرة صلة بالمقاومة الفلسطينية. العداء متأجج دائما بين أهل دوما، وجيرانهم الإسرائيليين "بجانب المدينة عندنا 3 مستوطنات يهودية تبعد خمس دقائق بالسيارة"، فالمضايقات تحدث بأشكال متفاوتة "حرق سياراتنا كان أكثر ما يتكرر"، إلا أن قتل الأشخاص لم يكن واردا بشكل كبير في ذهن عائلة دوابشة.
في رمضان الماضي كان ميعاد الفلسطينيين مع حرق الطفل محمد أبو خضير، في مدينة شعفاط بالقدس، مر الحادث موجعا على الأهل والعائلة، تعالت صيحات المجتمع المدني والسلطة الفلسطينية بضرورة ردع الخاطئين، إلا أن ذلك لم يتم، لذا فأهل الضحايا هذا العام لا يملكون شيئا سوى التمسك بأمل خروج الأب والأم أحياء وقول "الله كريم ينتقم" على حد تعبير يوسف.
فيديو قد يعجبك: