بالصور- سيدات أعمال ولكن ظرفاء.. حكاية 4 فتيات من النوبة يعملن لمساعدة الأهل
كتبت- رنا الجميعي ودعاء الفولي:
تصوير-كريم أحمد:
كانت حرارة الطقس في مدينة غرب سهيل قد انكسرت، الشمس تبدو حانية والهواء ناعم. الوقت مناسب لأربع فتيات، عُمر أكبرهن 13 عاما، يخرجن يوميا في نفس الميعاد، يبيعن منتجات نوبية، يستقبلن السائحين بابتسامة وبضع كلمات إنجليزية، يحاولن مساعدة أهاليهن، يُقبلن على الحياة وإن ساءت الأحول أو تحسنت فالمهم "إن السياح يحبوا المكان هنا ويرجعوا تاني".
فرحة، شروق، جنّة ومريم. ارتدت الصديقات ألوانا مبهجة، كل واحدة فيهم تحمل قصة ومنتج مختلف، تعودن على السير معا، ضحكاتهن مازالت طفولية، لكن ما أن تتعاملن مع السائحين، حتى يتحولن إلى سيدات أعمال، يحاولن إقناعهن "باللطف والمحبة" بالشراء، وإن لم يحدث "مبنزعلش" كما تقول فرحة.
يبدأ يوم فرحة صاحبة الـ11 عاما بالمدرسة "لما برجع لازم أخلص الواجب بتاعي وانام شوية وبعدين أنزل"، تتبع بقية الفتيات نفس النهج، الدراسة بالنسبة لهن مُقدسة "انا نفسي أطلع طبيبة باطنة" تقول فرحة قبل أن تستكمل "انا مبخافش من الحقن ولا بكش من أي حاجة"، تقاطعها أختها الصغيرة مريم "انا بقى عايزة أطلع مهندسة"، فيما تلتقط شروق الحديث "وانا كمان نفسي أطلع مهندسة".
شروق هي أكبر الفتيات عُمرا "عندي 13 سنة"، بدأت الخروج للعمل في السابعة "كنت عايزة أساعد والدتي"، تبيع الميداليات، وبعض العرائس التي تُستخدم في ديكور المنازل، لها من الأشقاء أربعة، فيما خضع والدها لعملية في عينه "ومبقاش قادر ينزل يشتغل"، لذا تُساعد ولو قليلا في مصروفات المنزل.
بشكل فطري، تعلمت الأربع فتيات صُنع المنتجات النوبية بأيديهن، تُمسك فرحة بأساور تُلبس في اليد "حظاظات"، ألوانها زاهية، وخيوطها ناعمة "ماما علمتني أعملها"، فيما تعلمت شروق عمل الضفيرة النوبي "الأجانب بيحبوها"، والطواقي المُلونة، وكذلك تعلمت جنّة بعض وصفات الطعام النوبي.
البيع في غرب سهيل بات يسيرا على الفتيات، تؤمن كل واحدة أن "ده رزق ونصيب"، تعلمن كلمات إنجليزية من المدرسة والأهل لقولها مثل "مرحبا، كيف حالك، وسعر الحاجات اللي بنبيعها"، فيما يستخدمن أيضا كلمات نوبية للترحيب بالقادمين "زي إيكادول يعني بحبك بالنوبي، أو كنيرة يعني اسمك إيه". اللطف هو دستورهن أثناء البيع "الناس لما تحس إننا بنحبهم بيشتروا مننا واحنا بنحبهم مش بنضحك عليهم، احنا مبنكرهش حد".. تقول جنّة بمرح.
ثمة أيام لا تستطيع الصديقات فيها الخروج "بيبقى عندنا واجب كتير أو الجو حر". يتوقف البيع تقريبا في فصل الصيف "بنعتمد أكتر على السياح اللي من مصر" كما تحكي شروق، أما التزامهن المنزل بسبب المدرسة فلا يُزعجهن "احنا عايزين نكون حاجة فمش مهم لما نريح شوية من الشغل عشان المذاكرة".
لا تعيش الفتيات في عالم النوبة فقط، تعرف فرحة أماكن عديدة في القاهرة، تحكي بفخر "لما بزورها بروح امبابة عشان قرايبي هناك وبتفرج على برج القاهرة من بعيد". العمل في الشارع علّم الفتيات الكثير، لكن علاقتهن بالأهل باتت أقوى "هما بيساعدونا نتعلم وبيحبونا واحنا بنساعدهم عشان بنحبهم"، وجوههن السمراء وضحكاتهن تجعل السائحين يلتقطون الصور برفقتهن، بينما أصبح لهن أصدقاء من عدة أماكن بالعالم "بيسألوا عننا بالاسم لما بييجوا كل سنة ويشتروا مننا ويسلموا علينا".
فيديو قد يعجبك: